رئيس التحرير
عصام كامل

من يصرخ أولا؟!

بوتين يحارب أمريكا الآن في أوكرانيا بذات السلاح الذي تحاربه به، وهو سلاح الوقت.. فعندما بدأ بوتين عمليته العسكرية في أوكرانيا كما يفضّل تسمية تلك الحرب كان يتطلع إلى إنهائها في غضون أيام قليلة، لذلك استهدف في البداية حصار العاصمة الأوكرانية كييف لاقتحامها وإسقاط حكم زيلينسكى، بينما رأى الأمريكان في هذه الحرب فرصة لإلحاق أكبر استنزاف اقتصادي وعسكري بروسيا ينهكها في نهايةَ المطاف ويقلم أظافر قوتها العسكرية، حتى تتفرغ واشنطن لمواجهةَ القوة الاقتصادية الصينية.. 

 

غير أن بوتين منذ أشهر قرر هو بدوره استخدام سلاح الوقت بدوره، أى الرهان على طول زمن الحرب لاستنزاف القوة الاقتصادية للغرب وإنهاك أوروبا التى يحارب بها الأمريكان الروس في أوكرانيا الآن!

 
وهذا ما تنطق به الطريقة التى يدير بها الروس معاركهم الآن في أوكرانيا.. هم يستهدفون تقدما مستمرا ولا يهم كم من الوقت يستغرقه، وهذا ما تشهد به سقوط باخموت الذى استغرق وقتا طويلا في تقدير محللين عسكريين.. 

 

وهم يراهنون على قدرتهم على تحمل أعباء الحرب البشرية والاقتصادية، في ظل تمكنهم من احتواء تداعيات العقوبات الاقتصادية عليهم، وتمكنهم من حشد قوات عسكرية كبيرة، وأيضًا تمكنهم من تدبير ما يحتاجونه من أسلحة ومعدات وذخائر.. وفى المقابل تواجه أوكرانيا صعوبات جمة في الحصول على مزيد من الأسلحة من الدول الاوربية بل وأمريكا أيضا. 

 


وهذا ما يقول به الألمان الآن بوضوح علنا بعد أن أدركوا أن روسيا لن يضيرها طول الحرب بذات الضرر الذى سيلحق بأوروبا كلها وليس أوكرانيا وحدها.. وهكذا أراد بايدن أن تكون أوكرانيا استنزافا لبوتين، إلا أن الأخير أشركه وشركاءه الأوروبيين في هذا الاستنزاف، والروس تاريخيا لم يصرخوا هم أولا كما يقول الألمان!  

الجريدة الرسمية