حكاوي زمان، حكاية حمير نبغت في الشعر وثيران وضعت أسس علم الهندسة!
يحتفل العالم فى شهر أبريل بذكرى الكاتب الإنجليزى العالمى وليم شكسبير الذى رحل منذ أكثر من أربعمائة سنة، ودعيت مصر للمشاركة فى الاحتفال بمرور أربعمائة سنة على ميلاد شكسبير فكتب الصحفي محمد التابعي مقالا في مجلة آخر ساعة عام 1964 يتعجب فيه من اتجاه أدبائنا المصريين للمشاركة في الاحتفالية قال فيه:
إن الأديب الدكتور لويس عوض سافر إلى إنجلترا ليشارك فى احتفالات الإنجليز بهذه المناسبة، وأن مجلتنا المصرية “المسرح” سيكون عددها القادم عن شكسبير بمناسبة ذكرى مولده الأربعمائة وتقوم الإذاعة والمسرح بعرض مسرحياته، وتنشر صحفنا مقالات عن شكسبير منها مقال تحليلى كتبه رجاء النقاش قال فيه إن شكسبير نقل أو اقتبس الحبكة والمشاهد فى بعض مسرحياته من بعض القصص العربية القديمة.
وأن هذه القصص نقلها الصليبيون معهم إلى أوروبا بعد عودتهم إليها مهزومين، وقال النقاش نقلا عن الأديب الروسى تولستوى إن شكسبير لم يكن فنانا أو عبقريا.
وفى إنجلترا نفسها جماعة من الأدباء تقول إن شكسبير لم يكتب شيئا من الأشعار والمسرحيات المنسوبة إليه، وأنها فى الحقيقة من نظم أديب آخر من معاصريه، مستندة إلى أن شكسبير لم ينل من العلم إلا قليلا، فكيف خرجت منه هذه الشوامخ الأدبية خاصة أن أغلبها تستند إلى التاريخ، وطلبت الجماعة أن تبحث الحكومة البريطانية عن وثائق تؤكد أن شكسبير أكذوبة كبيرة، ورفضت الحكومة ادعاء أن شكسبير أصبح رأسمالا قوميا وطنيا، وأن شهرته العالمية أضفت على بريطانيا المجد وأنه لا مصلحة لها في تحطيم أسطورة وليام شكسبير.
عقدة نقص
أيا كانت عبقرية شكسبير فلماذا نعانى نحن أهل الشرق من عقدة النقص ونهرع دائمًا إلى السير خلف موكب أو احتفال بذكرى كل عالم أو فنان أجنبى، بل ندق الطبول فى موكبه.. أما علماء الشرق الأجلاء وأدباؤه، فلا احتفالات ولا طبل ولا زمر.
لقد كتبت يوما إلى وزير المعارف على الشمسى عام 1928 حين استعدت العاصمة لإقامة احتفالية بذكرى مرور مائة سنة على وفاة العالم الإيطالي فولتا بتشكيل لجنة برئاسة وزير المعارف وعضوية لطفى السيد مدير الجامعة وشفيق باشا عضو مجلس الشيوخ، وكل إمكانات فولتا أنه عمل وحدة كهربائية استعملها موظفو شركة إلنر فى العاصمة لمقابلة المشتركين فى مصر وابتزاز أموالهم بالحق وبالغلط وهم لا يعرفون علمه ولا أصله ولا فصله.
لماذا نحن مولعون بالحط من أقدارنا وشيمة أنفسنا ودائمًا ننعى أخلاقنا وأدباؤنا وعلمائنا ونكتفي بالبكاء والنواح على ما فات وعلى الشرق وخيبة الشرق، وأقول: هل نحن حمير والشرق زريبة واسعة ليس فيها سوى البغال والحمير والثيران وقد جعلنا من كل هؤلاء رمزا للجهل والحماقة؟!
بالرغم من أن بينها حميرا نبغت فى الشعر والحكمة والفلسفة، وبينها ثيران وضعت أسس وقواعد علم الهندسة والكيمياء، وهناك الحمار الحصاوى أبى العلاء المعرى والبغل ابن رشد والثور ابن سينا وهناك غير هؤلاء الكثير ممن أنجبتهم زريبة الشرق.
وأرى أنه لو كان أبو الطيب المتنبى ولد فى إيطاليا واسمه السنيور متنبينو كنا احتفلنا كلنا اليوم بذكرى مولده أو وفاته، خرجنا يومها من قاعة الاحتفالات ونحن نمسح دموعنا حسرة على خيبة الشرق وفقره من مثل هذه النوابغ.