سرية رئيس الحكومة ومواجهة الشائعات!
خلال التصريحات التى أدلى بها أمس الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء قال ما يلفت الانتباه حقا وهو أنه يلتقى كثيرا وبشكل متواصل مع محافظ البنك المركزى للتنسيق معه، ولكنه لا يعلن ذلك، حتى لا تثار شائعات حول تعويم جديد قادم للجنيه!.. وهذا يعنى أن رئيس الوزراء يتحصن بالسرية ليتجنب الشائعات ولا عزاء للمكاشفة!
وهذه طريقة مبتكرة لإجهاض الشائعات تؤكد التجربة أنها لم تنجح، والدليل أن الشائعات الخاصة بتعويم جديد للجنيه لن تتوقف منذ بضعة أسابيع مضت، رغم عدم إعلان رئيس الوزراء عن اجتماعاته المتكررة والعديدة والمستمرة مع محافظ البنك المركزى !.. ومع ذلك لم يفكر الدكتور مصطفى أن يغيرها ويكتفى فقط فى تصريحاته باعترافه بالقيام بها للتدليل على التنسيق المستمر بين الحكومة والبنك المركزى.
وما كان لهذه الطريقة أن تنجح في إجهاض ووأد الشائعات، لأن الشائعات، كما تقول خبرات السنين لا تتم بالتزام السرية، وإنما على العكس تماما تُجهض بالشفافية والمصارحة وإعلام الناس بكل ما تفعله الحكومة ومؤسساتها المختلفة.. السرية تشى بأن هناك ما يتم إخفاءه وهذا مناخ خصب لتوالد الشائعات ورواجها.. نعم السرية قد نحتاجها أحيانا مثلما كان الحال ونحن نستعد لحرب أكتوبر، لكن هذا حال وأمر استثنائى في تعامل الحكومات مع المواطنين لا يصح تعميمه واعتباره أسلوبا يحكم العلاقة بين الحكومة والمواطنين.
وكلما التزمت الحكومة بالشفافية نجحت فى مواجهة الشائعات والقضاء عليها فى المهد وفوتت الفرصة على من يصنعونها لنشرها وترويجها.. وهذا يعنى أن رئيس الوزراء ليس في حاجة لإخفاء أمر لقاءاته مع محافظ البنك المركزى، وإنما هو فى حاجة لإعلان ماذا يدور فى هذه اللقاءات وماذا اتفقا عليه.. الشفافية وحدها هى الحل لمواجهة الشائعات.