رفقًا بالأزوج.. أيتها الزوجات!
استبدال العادات والتقاليد بالفهم الصحيح للفقه والشرع أوقع مجتمعاتنا في مشاكل لا نهاية لها وحرمها من العلاقات السوية الآمنة التي تجلب السكينة وحسن المعاملة وتصون الحقوق وتمنع انتهاك الحرمات.
ولأن الدين يسر في كل أحواله لا مكان فيه للتشدد ولا التنطع أو التفريط والتساهل.. فثمة مفاهيم خاطئة شاعت وسادت بفعل الجهل وسوء الفهم واتباع الهوى.. فهل تعلم الزوجات أن من حق الأزواج عليهن أن يُراعي حالة أزواجهن عُسْرًا ويُسْرًا، وألَّا يرهقهنهم بمطالب يعلمن أنَّها فوق طاقتهم وقُدْرَتهم، وأنْ يكفكفن من التعلُّق والجري وراء الموضات والإعلانات، وأن تقتصر مطالبهن على ما تمسُّ إليه حاجتهن الحقيقية.. ترى كم امرأة تفعل ذلك مع زوجها؟!
حق الزوج وحق الزوجة
للأسف كثير من الأزواج والزوجات يجهلون أو يخطئون في فهم حقيقة ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات زوجية؛ فالزوجة مطالبة بطاعة زوجها في نفسِها، وحفظَه في بيتِه ومالِه وعيالِه، وألَّا تأذنَ لأحَدٍ أنْ يدخل بيته وهو كاره لكن ذلك الحق لا يعني أبدًا، كما يَتبادَرَ للأذهان، عبوديةَ الزوجة للزوج، فمثلُ هذا الفَهْم- كما يقول الإمام الأكبر الدكتورأحمد الطيب- لا يصدُر إلَّا من عقل مُغيَّب عن القرآن الكريم وأحكام شريعته، والصَّحيحُ أنَّ طاعةَ الزوجة هنا مُقيَّدةٌ «بالمعروف» الوارد في قولِه تعالى: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ".
أما الطاعةُ بمعنى الاستبداد فلا محل لها في الشرع؛ ذلك أنها نقيضُ المعروف الذي أمَر الله به، ومعاذَ الله أن يأمُرَ بشيء ونقيضه، فالمعروف المأمور به في مُعامَلة الزوجة حدده العلماء بأمرين؛ أولهما أن تُطيعه فيما هو مُباح شَرْعًا.. أما الآخر فهو ألا يَلحَقُها منه أذى أو ضررٌ؛ عملًا بقوله صلى الله عليه وسلم: «لا ضَررَ ولا ضِرارَ».
ومن ثم فليس للزوج حقٌّ في أن يطلبه من زوجته شيئًا يخالف شرع الله، وإذا طلبه لا تُطيعه، وإذا أطاعته تكونُ آثِمة؛ فلا طاعةَ لمَخلوقٍ في مَعصيةِ الخالِقِ.
من حق الزوج على زوجته أن تحفظِ مالَه وهذا محلَّ اتفاق بين علماء الأُمَّة كما يؤكد الإمام الطيب، لكنهم استثنوا بعضَ حالاتٍ مُعيَّنة، منها أن تَتصدَّق من مال زوجها بغير إذنه، ولكن بشرط ألَّا يكون القصد من ذلك الإضرارَ بمال الزوج، أو تقليلَه خوفًا من أن تدفعه كثرةُ ماله إلى الزواج بأخرى، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أنفقتِ المَرْأَةُ مِن بَيْتِ زَوْجِها، غيرَ مُفْسِدَة له، كان لها أجْرها بما أنفقت، ولزوجها أجرُه بما كسب»..
هذا استثناءٌ من أصلٍ ممنوع هو: «التصدُّق من مال الغير بغير إذنه»، لكنْ لما كانت الزوجة لها حقٌّ في مال زوجها، وكان لها التصرُّف في بيتها - جاز لها ذلك، ولكنْ بشرط عدم الإسراف، وبما لا يكون إضاعةً للمال، وعلمها أنَّ ذلك مِمَّا تطيب به نفس الزوج.
أما في حال بُخل بعض الأزواج، وتقتيرهم على زوجاتهم وأولادهم، فيجوز للزوجة أن تأخذ من مال زوجها بغير إذنِه لتُنْفِقَ على نفسها وعلى أولادها، ولكن -أيضًا- بشرط المعروف وعدم الإضرار؛ وذلك لحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أنَّ هِنْدًا زوجةَ أبي سفيان قالت للنبي ﷺ: «إنَّ أبا سفيانَ رجلٌ شحيحٌ، لا يعطيني ما يَكفيني وولَدي، إلَّا ما أخذتُ من مالِهِ وَهوَ لا يعلَمُ، فقال ﷺ: خُذي ما يَكفيكِ وولدَكِ بالمعروفِ».
ومن الحقوق الشرعيَّة للزوج على زوجته، ألَّا تخرج من بيتِها إلَّا بإذن زوجها، اللهمَّ إلَّا فيما جرى به العُرْف من الخروج للعمل، أو لقضاء حاجات المنزل أو حاجاتها، أو زيارتها لأبويها مرةً كل أسبوع حتى ولو لم يأذن الزوج بذلك.