..وللزوجة حقوق.. يغفلها كثير من الأزواج!
في شريعة الإسلام حقوق زوجية يغفلها كثيرون، وأولها حفظ أسرار الزوجية وما يكون بين الزوجين من علاقة خاصة وعدم إفشائها أو التحدث بها بين الأصدقاء والصديقات.. وتلك آفة للأسف يستهين بها كثيرٌ من الناس في مجتمعنا غير مدركين لخطورتها أو عاقبتها؛ غافلين قولُه ﷺ: «إنَّ من شرِّ النَّاسِ منزلةً يومَ القيامةِ الرَّجل يُفضي إلى المرأةِ وتُفضي إليه ثمَّ ينشرُ سرَّها».
أما حقوق الزوجة على زوجها فهي تدعو للفخر حقًا؛ وأهمها حق النفقة؛ ذلك أن الإسلام قضى أنْ يُوفِّرَالزوج لزوجته من الضروريات والكماليات ما يضمنُ لها إقامةَ أُسرةٍ واعيةٍ بدورِها في بناء مجتمع إنساني فاضل.. وقد مَيَّز الإسلام هذا الواجب عن الواجبات الأخرى – بأنَّ النَّفقة على الزوجة والأولاد وإن كانت واجبةً بالإجماع، إلَّا أنَّها تتميَّز بمَيْزةٍ خاصَّة هي أنَّ الثواب عليها يُعادل ثواب الصَّدَقَة، فهي واجبٌ..
ثم هي في نفس الوقت صَدَقة بل قالوا: إنَّها أفضل من صدقةِ التطوع، وصدقةُ التطوع تشملُ كلَّ أنواع الصدقات ما عدا الزكاة، وأصلُ ذلك قولُه ﷺ: «إِذَا أنْفَقَ المُسْلِمُ نَفَقَةً علَى أهْلِهِ، وهو يَحْتَسِبُهَا، كَانَتْ له صَدَقَةً»، وقوله ﷺ: «أَفْضَلُ دِينارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ، دِينارٌ يُنْفِقُهُ علَى عِيالِهِ».
واجب شرعي
إنفاق الرجل على أسرته، كما يقول الإمام الطيب، ليست فقط مسئوليَّةً ماديَّة، بل هي مسئوليَّةٌ ذات بُعْد آخَر، هو بُعد الطَّاعة والثواب المعادل لثواب الصَّدَقَة، وبحيث يُمكن القولُ إن النَّفقة على الأسرة عبادةٌ، ظاهرها الإنفاق المالي، وباطنها التقرُّب إلى الله تعالى، ومن هُنا اشتُرط فيها ما اشتُرط في سائر العبادات من الاحتساب في قوله ﷺ: «وهو يحتسبها»، والاحتسابُ هونِيَّة طلبِ الأجر، والتي إنْ لم تتوفَّر في الإنفاق على الزوجة؛ فلا أجر ولا ثواب، وإنما فقط سقوطُ الواجب..
وعلينا أنْ نتنبَّه هنا إلى أنَّ إطلاقَ الصَّدَقَة على نَفَقَة الأسرة هو من باب المجاز، أي: تشبيه النفقة بالصدقة في كثرة الثواب، وليس المُراد أنَّ النفقة على الزوجة هي صدقةُ غَنيٍّ على فقير، وإنَّما هي واجبٌ يَتبعُه ثواب يُشْبِه ثواب الصَّدَقَة في القُربى من الله تعالى.
الإمام الطيب ينتصر للمرأة حين أكد أن النَّفَقَة على الزوجة تشمل السَّكَنَ والمأكَلَ والملْبَس والزِّينة والخادم، فكلُّ ذلك واجبٌ تأمينُه على الزوج بحسب طاقته الماليَّة وبحسب يُسْره أو عُسره.. ومِمَّا اشترطه أهلُ العِلْم في مَسْكَن الزوجيَّة أن يكون سَكَنًا خاصًّا بالزوجة لا يُقيم فيه أحدٌ آخَر لا من أُسرة الزوج، ولا من أُسرة الزوجة، ولا من أبناء الزوج من زوجةٍ أُخرى، اللهُمَّ إلَّا ما تَسمَحُ به وتأذن فيه عن طيبِ خاطر. كما اشترطوا ألَّا يكون المسكن في مكانٍ مُوحش، وأن يكون صِحِّيًّا، وفي جيرة مأمونة.
وفي حق الطعام والملابس يمضي شيخ الأزهر خطوة أبعد مؤكدًا أنَّ الشريعة تُطالعنا بتفصيلات تُثير فخر المسلم بشريعتِه وموقفَها من احترام المرأة، وكذلك أمر الزينة والطِّيبِ وما يَلزَمُها من آلاتٍ وأدوات، وقد نصَّ العلماء على أنَّه حق للزوجة على زوجها، وتحدثوا في هذا الباب عن الطِّيب والصابون والدهون والمُشط ولوازم الزينة والمظهر الحسن، وكذلك الخادم..
والأصل الشرعي في ذلك هو أنَّه إذا كان من حق الزوج على زوجته أن يَراها في الصورة التي تَسرُّه إذا نظرَ إليها، وأنَّ كلَّ حق يُقابله واجب، فلا مَفرَّ من وجوب أن يُوفِّر الزوج لزوجته ما يُمَكِّنها من أداء هذا الحق.. أرأيتم كيف أن الإسلام رفع قدر المرأة وحفظ لها كرامتها وصان حقوقها قبل دعاة المدنية والتحضر وحقوق الإنسان بمئات السنين لكنه التعامي عن الحق والكيل بمكيالين والجهل بأحكام الدين الذي يخفي عن كثيرين حقائق بديهية أظهرها شيخ الأزهر بلغة بسيطة حاسمة تضع الأمور في نصابها..فهل يعي أزواج اليوم هذه الحقوق لتستمر العلاقات الزوجية في أمان واستقرار؟!