طعم العيد.. المر!
هل كنا في عيد؟ هل أحسسنا بطعم العيد؟ هل هى فرحة كسر الصيام وحشو المعدة؟ أم هى شرحة الصدر ولمعة السعادة، ووثبة الروح، ذلك الإرث القديم الذي ضاع منا مع تقدم العمر وتوالى المصائب والكوارث على منطقتنا. أي عيد هذا والعرب في هوان؟
كم دولة عربية انهارت وتنهار؟ كيف يمكن أن تفرح بعيد وأهلك في السودان ضحية الصواريخ والقنابل والقذائف والطائرات. يبقى العيد حقا خالصا للأطفال، فهل حصل أطفال السودان وأطفال فلسطين وأطفال ليبيا واليمن وسوريا والعراق على نصيبهم العادل من الفرح، ومن السرور؟ هل بسط الطفل السوداني كفه فرحا مسرورا إذ يتلقى العيدية من أبيه أو عمه أو خاله، أو جده؟ لقد تلقى الرصاص! كما يتلقاه الطفل الفلسطيني كل عيد، وكل موسم وكل جمعة في صدره، أو يهدم بيته أمام عينيه، على يد الاحتلال الصهيوني، منذ أكثر من ستة عقود!
أي عيد هذا ونحن فى زمن الهوان العربى، تتكالب علينا الذئاب، وتتعملق الزواحف، تتحدانا في المقام، وفي الكيان وفي الدور، وتحيط بنا الضباع من المشارق والمغارب، ومن الشمال ومن الجنوب !
تمزيق الأمة العربية
ألم يكتف الغرب بتمزيق الأمة العربية؟ لقد ضاعت ليبيا وتونس وسوريا واليمن والعراق والسودان الحبيب الأن في مهب الريح، ولم يبق على الخارطة إلا مصر، انتصرت بالوعى على المؤامرة التى حيكت في الخامس والعشرين من يناير الأسود في العام 2011 الحالك السواد!
فلنواجه الحقائق.. لأن رؤيتها بنصف عين، بنصف عقل، معناها كسر عين وتشفير للعقل. منا أشقاء، هم علينا وإن تظاهروا بالمحبة! يرون أنفسهم أحق العرب بوراثة الأهرام وأبو الهول والمائة مليون مصرى! لنا أشقاء، ومنا أشقاء، لا نعاتب إن قدموا مصالحهم على مصالحنا، وإن مرروا مصالح الغرب على حساب دول عربية تتمزق الواحدة بعد الأخرى.
لقد كان قرار تدمير سوريا قرار عربيا مررته الجامعة العربية تحت ضغط عربي، منح حلف الأطلنطي حق التدمير وتقسيم ليبيا الشقيقة. وسوريا الجريحة المهانة قصة مكررة، مخجلة تبعث على الاشمئزاز، إذ قررعرب إسقاط رئيس سوريا لأن أمريكا تريد إسقاط رئيس سوريا ولأنهما -العرب وأمريكا- يدافعون عن الشعب السوري، الذي هاجر ثلثه وتشرد، بسبب عدوانهم علي الشرعية السورية! واليوم يدعونه إلى القمة العربية، بعد خراب وبعد دمار.. نفق مظلم تمضي فيه الأمة العربية ويحسب جناح منها أنه بمأمن!
كلا.. لقد عاد الاستعمار إلى المنطقة العربية، استعمار باستعمال الشعوب ذاتها، وبتأليب القوى العسكرية ضد بعضها البعض، وربط كل قوة بممول خارجي ومحرض خارجي، ومن المفارقات الباعثة على السخرية المريرة أن تعلن الموساد -جهاز المخابرات الاسرائيلي- أنه يقوم بالوساطة في السودان، بموافقة الطرفين ! هل رأيتم مرارا وهوانا أكثر من هذا ؟
منذ 2011، ونحن في حقبة الهوان العربى.. تداعياته سوف تستمر لعقود.. ولن ينجو منها شريك بالتواطؤ، أو بالفرجة، أو بالمال !