المطربة جنات وليلة دريس القمح!
كيلومترات عدة تفصل قريتنا "مسارة" في أسيوط وقرية "فزارة" تلك التي أجرت فيها المطربة المغربية جنات مؤخرا جلسة تصوير في حقول القمح قبل حصاده ودريسه، حيث إن فزارة هي مسقط رأس زوجها الذي اعتاد نزول قريته في إجازة العيد.
وتداولت منصات الإعلام الرقمي والصحف صور جنات بالجلباب البلد وفوق الحمار وسط حقول القمح في قرية فزارة بأسيوط، أما ما لا تعرفه جنات عن مهرجان حصاد ودريس القمح فهو متن مقالنا عبر فيتو لتوثيق ذلك الإرث الثقافي حيث كانت الأسر المصرية تستعد في مثل هذا التوقيت السنوي لحصاد القمح.
ومع سخونة الجو كان المزارعون وأسرهم أو الأنفار يتوجهون ليلا لحصاد القمح ومعهم مناجلهم أو كما يُطلق عليه في أسيوط (المحش) وعلى ظهور دوابهم كانت (المقاطف) وهي عبارة عن أوعية صغيرٌة مجدولٌة من خُوص النخل حيث كان يوضع فيها بعض البتاوات والجبن والبيض وترمس الشاي والحصر أو المشمع الذي يوضع تحت فوهة الدراسة الجانبية لجمع القمح.
حصاد ودريس القمح
في الحصاد كانت المحشات تتسابق حتى يتم إنجاز الحصيد في أقصر فترة ممكنة، ثم يتم جمع الحصيد في صور حزم يُطلق عليها (قتاية القمح) وهي كلمة ريفية، صعيدية الأصل وهي تعني عند الفلاح حزمة أعواد القمح، فالفلاح في حصاد القمح، يقطع بآلة تسمى الشرشرة.
فيصبح كل الحصاد عبارة عن حزم تسمى قتايات.. ثم يقوم بفرش مربع من الأرض، بالأكلمة الصوفية أو الحصر، ويضع عليها حزم القمح، استعدادًا للدراسة وذلك بعد ترك القتايات على الأرض عدة أيام لتصبح أكثر جفافا وأسهل في عملية الدريس.
ويوم الدريس في يوم قائظ الحرارة كان المزارعون ينتظرون تحت أشجار النخيل أو الصفصاف موعد قدوم الجرار الزراعي ملحقا به ماكينة الدريس وذلك إذا لم يوفقوا في تحديد موعد ليلا نظرا لكثافة الطلب على ماكينات الدريس في هذه الفترة وفي أنسب مكان في الحقل كانت توضع الدراسة بعد مراعاة حركة الرياح، وقبل ظهور ماكينات الدريس الحديثة كانت ماكينات الدريس القديمة تخرج المحصول مخلوطا بالتبن وكان يتم الإستعانة بالمقرقر بغرباله الذي يحتوي على فتحات صغيرة لعزل حبات القمح من الحصى والطين بهز الغربال يمينًا ويسارا.
وبعد فصل المحصول يتم تعبئة القمح في جوالات وتحملها الدواب لتجميعها لخارج الحقل لتلتقطها عربات الكارو أو عربات النقل للمنازل حتى يتسنى للأسر تخزين مخزونها السنوي من القمح في صوامع أعلى هامات المنازل، وبيع الجزء المتبقى، وبعد يوم أو يومين تتصرف الاسر في التبن بتخزين كمية منه خلف المنزل أو في أحد الحجرات المخصصة لذلك حيث يُشكل وجبة دسمة للمواشي أو بيعه حال عدم الاحتياج.