يوم القدس في القاهرة
في مفاجأة من العيار الثقيل حضر مندوب عن السفارة السعودية احتفالية يوم القدس التي أقامها سفير إيران بالقاهرة محمد حسين فرد بمقر إقامته بضاحية مصر الجديدة، وهي المرة الأولى التي يحضر فيها مندوب من سفارة المملكة تلك الاحتفالية، مما يعني أن أجواء المصالحة بين البلدين تسير وفق ما اتفق عليه الزعماء.
كانت كلمة السفير الإيراني موحية بأهمية هذا اليوم الذي تحتفل به كافة سفارات إيران على مستوى العالم، لتكشف فظائع الاحتلال الصهيوني في الأرض المحتلة، وكيف اختار قائد الثورة الإيرانية آية الله الخوميني هذا التاريخ ليذكر البشرية بمسئولياتها الإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني الذي لا يزال يقدم الشهداء وقودًا لمعركة الفصل والحسم.
لاحظت أن الحضور هذه المرة كان أكثر كثافة وتنوعًا، حيث حضر كتاب وصحفيون وساسة ودبلوماسيون وممثلون عن أطياف متباينة من المجتمع المصري، وكان لافتًا كما ذكرت حضور مندوب عن المملكة العربية السعودية مأدبة الإفطار التي أقامها سفير إيران.
تعددت كلمات الحضور، مذكرين بمآسي الشعب الفلسطيني الذي يناضل منفردًا ضد الاحتلال وكل صنوف العنصرية والجبروت، وقد جاء الاحتفال هذه المرة وسط أجواء من الاحتقان وانتشار مشاهد العنف الصهيوني ضد المصلين العزل ورد فعل المقاومة ونجاحاتها التي تتحقق يومًا بعد يوم.
في الوقت الذي كانت فيه احتفالات يوم القدس العالمي تتردد صداها في عواصم العالم كان شباب المقاومة ينسجون بإرادتهم بطولات عظيمة على الأرض رافضين الخضوع والخنوع، ولم يتوقف الأمر عند الداخل الفلسطيني بل كانت ردود أفعال شباب العرب تزلزل ملاعب الكرة تحت شعار “بالروح بالدم نفديك يا فلسطين”.
إن هذه الأمة لا تموت، ومن يتصور أن سلامًا فوقيًّا يصنعه الحكام قد ينسى الشعب القضية هو واهم، وقد أثبتت الأيام أن الشعب الباقي على الأرض رغم القتل والاعتقال والمطاردة لا يزال هو من يملك زمام السلام لمن أراد سلامًا قائمًا على العدل وإعادة الحقوق إلى أصحابها.
قد يجد الساسة الصهاينة لأنفسهم مكانًا في عواصم عربية تلهث وراء سلام واهم، ولكنه للحق لن يجد لنفسه بيتًا آمنًا على الأرض، أصحاب الأرض ما زالت لديهم إرادتهم التي لا تلين ولا تهون ولا تتأثر بمشاهد من صناعة الخرافة والدجل السياسي المنتشر هذه الأيام في عواصم عربية.
اليوم العالمي للقدس ليس مجرد يوم نتذكر فيه أن لنا أرضًا ومقدسات وحقوقًا تهضم ويساء إليها وتظن عاصمة الشر في العالم أن بإمكانها تغيير خارطة الملكية لمجرد نقل سفارتها إلى القدس، سيظل الصهيوني مطاردًا على الأرض ومطاردًا في كل عواصمنا من الشعوب حتى لو وجد لنفسه حضنًا رسميًّا لا ينفعه ولا يوفر له غطاء أمنيًّا.
اليوم العالمي للقدس فكرة ورمز يحيا طالما ظل شبابنا على وعيهم بقضيتهم بعد أن أثبتت الأيام أن التغييب لا يصيب إلى أصحاب الكراسي، أما الشعوب فإن ذاكرتها ترتبط بأديم الأرض وتاريخها وجذورها المتمددة في عروق الأجيال جيلًا بعد جيل.