لماذا لو لم يقم السيد المسيح له المجد؟
تعرض معلمنا بولس الرسول لهذا السؤال بعد أن ربطه بالكلام عن ضرورة وحقيقة القيامه بقوله "فإن لم تكن قيامة الاموات فلا يكون المسيح قد قام " (1كو 13:15) إن قيامة المسيح كانت لها أهمية كبيرة في تثبيت الإيمان الذى يبدو أنه ضاع وانتهى بصلب المسيح، كان كل شئ مظلمًا ووكئيبًا وباعثًا على اليأس، ثم قام المسيح ليغير دفة الأحداث ويعيد الأمل إلى النفوس ويرجع الأيمان إلى القلوب.
فالقيامة أعطتنا النصرة بعد الانهزام من الخطية التى توارثناها من أبينا آدم وأمنا حواء.. فالقيامة كانت وسيلة خلاص الإنسان لأنه مات لأجل خطايانا ولأجل تبريرنا (رو25:4). وهى أيضًا رسالة رجاء يقدمها المسيح للبشرية، فهى ينبوع الرجاء الذى لا يتزعزع..
فاليأس الذى كان موجودًا عند التلاميذ وقت الآمه وصلبه وقوته تبدل رجاءً وأملًا فى كل شئ، وأنه لا يوجد صعب أو مستحيل ولاتوجد عقبات إذا تحطمت بالقيامة.. فالقيامة يسبقها المذود والصليب والقبر، ولكن مكث فى المذود والقبر أكثر مما مكث على الصليب معلقًا ومع ذلك لم ينسب للمذود ولم ينعت بالقبر، إنما وسم بخشبة الصليب وسمى بالمسيح المصلوب.
هل تعلم ما هو الزمن الذى أستغرقه المسيح على عود الصليب حيًا؟
كان ثلاث ساعات والزمن الذى مكثه فوق الصليب ميتًا بإرادته كان ثلاث ساعات، والتسع ساعات التى سبقت عملية الأكفان والدفن: (من الساعة الثالثة حتى الساعة السادسة). كان وقتها استصدار الحكم بالصلب والتصديق عليه من قبل القيادتين الكنسية الدينية اليهودية والسلطة الهيرودسية والبيلاطسية وكانت هذه الفترة ساعات كلها ظلمة للسلطة التشريعية والقضائية ومن ثم التنفيذ ومن (الساعة السادسة إلى الساعة التاسعة) كانت الفترة الزمنية التى التى قضاها الرب حيًا معلقًا على عود الصليب، ويقول الإنجيل "وكانت ظلمة على الأرض كلها"..
وفى هذه الساعات ترك لنا الرب كلماته السبع.. وكانت كلها حياة.. لنا.. الكلمة الأولى كانت فيها توبة أعظم وأشطر وأمهر لص فى تاريخ البشرية أوفى عالم الجريمة "فتح له باب الفردوس عندما صرخ وقال له أذكرنى يارب متى جئت فى ملكوتك، فرد عليه المخلص اليوم تكون معى فى الفردوس" وليس الملكوت، لان موضع الملكوت بعد القيامة العامة.. والكلمة الثانية كان فيها قد عهد بأمه البتول مريم إلى حبيبه وتلميذه يوحنا البتول: وقال لها "هذا هو إبنك" وقال له "هذه هى أمك" من ذلك الحين أخذها إلى بيته (يوحنا 47:19 ).
والكلمة الثالثة: كان فيها قد سدد حكم أبينا آدم وحواء وذريتهما وبهذا دفع ثمن الخطية وتحمل الغضب وخرج منتصرًا.والكلمة الرابعة: ذاق الخل بمرار "ولم يرد أن يشرب" (متى 34:27 ). والكلمة الخامسة والكلمة السادسة: كانت خاصة بالمغفرة لصاليبه "يا أبتاه أغفر لهم لأنهم يدرون ماذا يفعلون" ( لوقا 24:23 ) وقالها وهو فى منتهى الآلم الجسدى.
والكلمة السابعة "قد أكمل" (يوحنا 19:3). وهكذا أكمل النبؤات وإكمل طاعة الآب الأزلى وإكمل كل بر الناموس وعمله الكرازى وإكمل الحب ثم قال فى يديك أستودع روحى ( لوقا 46:23 ).
هذه الكلمات الغالية التى قالها المسيح على الصليب فلنضعها نحن فى قلوبنا ولتكن ذات فاعلية فى حياتنا لنقرأ كل كلمة فى إمعان ونتفاعل معها.. ليس المهم إذن فى طول الوقت الذى نقضيه مع الرب بل في عمقه كلمة واحدة نقتدر كثيرًا على فعلها.
من الساعة التاسعة إلى الساعة الثانية عشر قضاها المسيح ميتًا فوق الصليب وتحته كاشفًا جسده حتى التأكد أنه مات حقًا كما سنشدو مهللين قام حقًا، ولكن ظهر فى هذه الساعة الأخيرة نيقوديموس للمرة الثانية فى حياة الرب يسوع وموته وظهر يوسف الرامى للتكفين والتجنيز والدفن فى قبره الجديد القريب من الجلجثة موضع الصلب، ويقول التقليد الكنسى: إن القديس نيقوديموس ويوسف الرامى كانوا يقولون تسبحتهم أثناء التجنيز وهما يكفان جسد يسوع قائلين: قدوس الله، قدوس القوى، قدوس الحى الذى لايموت، والتى أخذتها الكنيسة فى طقوسها" المسيح قام بالحقيقة قام.
وهكذا تكلم الأنبياء عن حقيقة السيد المسيح القائم من بين الأموات من هو: هو نسل المرأة والرأس والكلمة وخروف الفصح والكاهن الأعظم والصخرة المضروبة وهو النصرة والغالب والعناية والمحبة والفرح والسلام والتجديد والقلب الثابت وهو العريس والخلاص والمحرر والرحمة والدموع والرجاء والتعزية والحكمة والعدل والوعظ والتعليم المعلم الصالح، وهو سيد الاختبارات، الصابر وقت الضيق ومحتمل الآلام وهوالإيمان ذاته والمراحم العليا وهو التعمير وهو الملك والخادم ابن الله القائم من بين الأموات.
المسيح قام، بالحقيقة قام