عظمة الميلاد
بمعصيه آدم لوصية الله، استحقّ الإنسان حكم الموت. "ولأنّ الله محبّة" (1 يو 4: 8)، لم يشأ أن يترك الإنسان بعيدًا عنه، فبدأ مشروع خلاص الجنس البشري، مظهرًا رحمته العظمى وواعدًا بإرسال ابنه الوحيد لخلاص العالم. فانتظرت البشرية ملء الزمان أن يتمّ هذا الوعد.
فتحقّق الوعد وتمّت النبوءات بميلاد المخلّص، ذلك الحدث الذي انتج عنه الفداء الذي سيعيد صورة الإنسان إلى بهائها الأوّل، "عظيم هو سر التقوى الله ظهر فى الجسد" (1 تيموثاوس 16:3). فكان السرّ العظيم: ظهر الله في الجسد، أي صار إنسانًا، فأصبح عمانوئيل - الله معنا. فتبدّلت حال البشر وحلّ فرحٌ عظيم لأنّه "وُلِد لكم اليوم في مدينة داود مخلّص هو المسيح الربّ" (لو 2: 11).
ما أعظم هذا الميلاد الخلاصي الذي يُظهر محبّة الله للبشر وتقرّبه منّا بالكامل وكشفه عن ذاته لنا. بتواضعه، انحدر الله إلى مستوى البشر مُخليًا ذاته من مجده فصار جسدًا ليخلّصنا من الموت. بتجسّده، اتّحد ببشريّتنا لفدائها من الهلاك، فأضاء السيد المسيح شعلة الحياة التي أطفأتها الخطيئة.
بميلاد السيد المسيح، جدّد الله حضوره بيننا، إذ "الكلمة صار جسدًا وحلّ فينا" (يو 1: 14)، فأبعد عنّا الظلمة التي كانت تكتنف حياة البشر وتقودهم إلى اليأس. فحضور الله يبدّد الخوف والحزن والإحباط، ويزرع السلام والفرح والرجاء. وفي عالمنا اليوم، ما أحوجنا إلى اختبار حضور الله بيننا لنتشجّع ونتقوّى ونستعيد الفرح.
في هذا العيد المبارك، فلنجدّد في قلوبنا ثقتنا بحضور الله ولنقترب منه ليضيء نورُه في حياتنا فنجد سبيلًا للخلاص من الأوبئة والنزاعات والحروب التي تحيط بنا، لأنّ الربّ يسوع المسيح، الله المتجسّد، هو النور والأمل ومعين العطايا الصالحة.
وسط التحدّيات الكثيرة التي ألمّت العالم والتي طالت جميعَ الناس مسبّبة انهيارًا في الاقتصاد وأزمات كبرى إضافة إلى انتشار الوباء والصراع بين الدول والحروب والغلاء فى كل ربوع العالم،
نتأمّل فى السيد المسيح الذي شاء فوُلِد في ظلمة المغارة ليُسكننا في النور.
ونسأله أن ينير بصيرتنا البشريّة كما أنار ليل الرعاة في بيت لحم بميلاده، فتبدّدت غيام الظلمة والضلال والجهل والجشع والطمع والحقد والكراهيه والضمير الميت والخطيئة والموت، وتحوّلت ظلمة المغارة إلى نور وحقيقة ومعرفة ونعمة وحياة جديدة يملأها الله الذى أخلى ذاته وأخذ شكل العبد..
عظيمٌ هو سرّ التقوى، الله ظهر في الجسد" (1 تيم 3: 16)، ولم يعد الله بعيدًا أو سرًّا مخفيًّا، بل تجلّى للبشرية وأعطانا الخلاص والحياة. أيّ: "سرٌّ عظيمٌ كان مخفيًّا عن الخلائق، شاء الآب أن يظهره بالجسد للناس". لذلك، نؤمن أنّ "الله معنا" (إش 7: 14) ولن تقوى علينا أزمات هذا العالم، لكنّنا نفرح بالرغم من آلامنا لأنّ الرجاء يملأ حياتنا.
نتأمل فى قصة الميلاد نجدها قصة حب "لأنه هكذا أحب الله حتى بذل أبنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل نكون له الحياة الأبدية" يو16:3
وفي هذه الأعياد المجيدة، وخاصة عيد ميلاد وليد بيت لحم "ملك السلام " طالبين من الله القدوس أن يعم السلام والرخاء على بلادنا العزيزة مصر وكل بلدان العالم.. وكل عام وحضراتكم بخير.