قطايف رمضان.. حكاية جحا مع القاضي
جحا شخصية هزلية انتشرت في الأدب الشعبي فكانت تثير الطرفة في المجالس، وترسم الابتسامة على مُحيّا الجالس ونسبت إلى شخصيات عديدة عاشت في عصور ومجتمعات مختلفة.
طرائف جحا
• جلس جحا يومًا على منصة الوعظ في أحد الجوامع وقال: أيها المؤمنون، هل تعلمون ما سأقوله لكم؟ فأجابه السامعون: كلا، لا ندري. قال: إذا كنتم لا تعلمون، فما الفائدة من التكلم، ثم نزل، وعاد في يوم آخر فألقى عليهم نفس السؤال، فأجابوه، هذه المرة: أجل إنا نعلم، فقال: ما دمتم تعلمون ما سأقوله فما الفائدة من الكلام؟ فحار الحاضرون في أمرهم واتفقوا فيما بينهم، على أن تكون الإجابة في المرة القادمة متناقضة، قسم يجيب: لا، وقسم يجيب: نعم، ولما أتاهم المرة الثالثة، وألقى عليهم سؤاله الأول، اختلفت أصواتهم بين: لا ونعم فقال: حسن جدًا مَنْ يعلمُ يُعْلِمُ مَنْ لا يَعْلم.
• سافر جحا إلى إحدى المدن ونزل في أحد خاناتها ففي اليوم التالي قال لقيم الخان: يا أخي إني اسمع طول الليل قرقعة في سقف الغرفة التي نمت فيها فياليتك تأتي بنجار ماهر ويكشف على أخشابها ليرى ما فيها. فقال له القيم: يا سيدي هذا البناء قوي لا يتهدم، وليس ما تسمعه إلا تسبيحًا بحمد الله الذي يسبح بحمده كل ما في الوجود. فأجابه جحا قائلا: صدقت وإنما خوفي العظيم من تسبيحه وتهليله لأني أخاف أن تدركه رقة فيسجد سجدة طويلةً على غير انتظار.
• شعر جحا بوجود لص في داره ليلًا، فقام إلى الخزانة واختبأ بها، وبحث اللص عن شيء يسرقه فلم يجد فرأى الخزانة فقال: لعل فيها شيئًا. ففتحها وإذا بجحا فيها، فاختلج اللص ولكنه تشجع وقال: ماذا تفعل هنا أيها الشيخ؟ فقال جحا: لا تؤاخذني فإني عارف بأنك لا تجد ما تسرقه ولذلك اختبأت خجلا منك.
• كان جحا راكبًا حماره حينما مر ببعض القوم وأراد أحدهم أن يمزح معه فقال له: يا جحا لقد عرفت حمارك ولم أعرفك. فقال جحا: هذا طبيعي لأن الحمير تعرف بعضها.
• كان جحا يتسوّق ذات يوم فجاء رجل من الخلف وصفعه على خده، فالتفت إليه جحا وأراد أن يتعارك معه ولكنّ الرجل اعتذر بشدة قائلًا: إني آسف يا سيدي فقد ظننتك فلانًا، فلم يقبل جحا هذا العذر وأصرّ على محاكمته وذهب إلى القاضي ليحكم بينهما، وصادف أن يكون ذلك القاضي قريبًا للجاني ثمّ أصدر حكمه بأن يدفع الرجل لجحا مبلغ 20 دينارًا كعقوبة على ضربه، فقال الرجل: ولكن يا سيدي القاضي ليس معي شيئا الآن، فقال القاضي وهو يغمز له أذهب واحضرها حالًا وسينتظرك جحا عندي حتى تحضرها، فذهب الرجل وجلس جحا في مجلس القاضي ينتظر غريمه حتى يحضر المال، ومرت الساعات ولم يحضر الرجل، فلما أدرك جحا أنّه خُدع من قِبل القاضي وقريبه قام وتوجّه إلى القاضي وصفعه على خده صفعة طارت منها عمامته وقال له: إذا أحضر غريمي الـ 20 دينارًا فخذها لك حلالًا طيبًا وانصرف.
• اسـتعار جحا مرة آنية من جاره وعندما أعادها له أعاد معها آنية صغيرة، فسأله جاره لماذا أعدت مع أنيتي آنية صغيرة يا جحا؟ فقال له جحا: إنّ آنيتك ولدت في الأمس آنية صغيرة وإنّها الآن من حقك، ففرح الرجل وبعد فترة من الزمان ذهب جحا إلى جاره وطلب منه أنية أخرى، فأعطاه جاره ما طلب، مرّ وقت طويل ولم يُعد جحا الآنية، فذهب جاره إلى بيته ليطلبها منه، فاستقبله جحا باكيًا منتحبًا، فقال له الرجل: مالي أراك باكيًا يا جحا؟!! فقال له جحا إنّ آنيتك توفيت بالأمس يا صاحبي، فقال له جاره وهو غاضب: وكيف لآنيةٍ أن تموت يا رجل؟!! فقال جحا أتصدق أنّ إناء قد يلد ولا تصدق أنّه قد يموت؟!
• في يوم من الأيام ذهب جحا إلى السوق، وقام بشراء عشرة من الحمير، وبعدها قام بالركوب على واحد منهم، وجعل التسعة الباقيين يسيرون أمامه، وفي الطريق قام جحا بعد الحمير، ونسى أن يعد الحمار الذي يركبهُ، فلم يجدهم سوى تسعة فقط، فأصابهُ الخوف الشديد، فهم بالنزول من على الحمار وقام بالعد مرة أخري، فوجدهم عشرة، تعجب جحا من الأمر، وظل يُكرر ذلك عدة مرات، حيثُ يقوم بعدهم مرة وهو راكب ومرة وهو في الأرض.
فقرر في النهاية أن يمشي حتى منزلهُ سيرًا على الأقدام قائلًا ” أن أمشي من هنا للمنزل على قدمي وأربح حمارًا، أفضل لي من الركوب وخسارة الحمار”.
• في يوم من الأيام قرر جحا أن يتزوج، وبالفعل قام بِخطبة فتاة جميلة من فتيات القرية، وبدأ في بناء منزل واسع يسعهُ هو وزوجتهُ وأهلهُ، وبعد أن اكتمل المنزل، جاء بالنجار ليقوم بتركيب خشب الأرض والسقف.
وتوجه جحا إلى النجار وطلب منهُ أن يقوم بتركيب الخشب الخاص بالسقف في أرض الحجرة، بينما يُركب خشب أرض الحجرة في السقف، تعجب النجار بشدة من طلب جحا، وقال له: وما السبب وراء ذلك، فأجابهُ جحا: أنك لم تسمع المثل القائل بأن المرأة إذا جاءت لمكان جعلت عالية واطية، فبعد الزواج تأتي الزوجة فيتعدل الخشب إلى وضعهِ الصحيح.
• كان لدى جحا كمية كبيرة من الألومنيوم، وفي يوم من الأيام سافر جحا، فقام بإعطاء كافة الألمونيوم إلى أحد جيرانه، والذي كان يعمل تاجرًا، وقال له تلك أمانة اتركها عندك حتى أعود من السفر.
وبعد أن عاد جحا من السفر ذهب إلى جاره وطلب منه الألمونيوم، فتظاهر الرجل بالحزن الشديد وقال لجحا: للآسف الشديد قد وضعت الألمونيوم الخاص بك في مكان جيد، ولكن الجرذ الكبير ذهب إليه، وأكله تمامًا فلم يُبقي منه أي شيء، ومرت عدة أيام، وبينما جحا جالس أمام بيته وجد ابن التاجر يمر من أمامه، فقام جحا وأخذ الطفل واحتجزهُ في أحدى غرف المنزل،، وبعد عدة ساعات قام جحا وذهب إلى بيت التاجر.
وقال له: لقد رأيت العصافير تحمل ابنك وتصعد به في السماء، نظر التاجر إلى جحا وقال له: أنتَ مجنون يا جحا، كيف للعصافير صغيرة الحجم والضعيفة أن تحمل طفلًا، فرد عليهِ جحا: ذلك بالضبط مثل ما أكل الجرذ الألمونيوم.
من هو جحا
جحا هو شخصية خيالية من التراث الشعبي في كثير من الثقافات القديمة، ونسبت إلى شخصيات عديدة عاشت في عصور ومجتمعات مختلفة.
وفي الأدب العربي، نسب جحا إلى أبو الغصن دُجين الفزاري الذي عاصر الدولة الأموية. وهو أقدم شخصيات جحا وإليه تنسب النكات العربية. وفي الأدب التركي، نسبت قصص جحا من إسطنبول إلى الشيخ نصر الدين خوجه الرومي الذي عاش في قونية معاصرا الحكم المغولي لبلاد الأناضول ومعظم القصص المعروفة في الأدب العالمي تنسب له.
هي شخصية رجل فقير كان يعيش أحداث عصره بطريقة مختلفة ويتماشى مع تلك الأحداث الشبه حقيقية؛ فهو كان يتصرف بذكاء كوميدي ساخر فانتشرت قصصه ومواقفه التي كان يتعامل معها في حياته اليومية، وكانت تنتقل قصصه من شخص إلى آخر مما نتج عنه تأليف الكثير من الأحداث الخيالية حوله، فكل شخص كان يروي قصصه بطريقته الخاصة ومنهم حتى من نسب أعماله لنفسه أو لشخص آخر أو لشخص خيالي.