انفراجة الغلاء والدرس للحكومة
مع بداية شهر رمضان المبارك أعاده الله على الأمة الإسلامية باليمن والبركات أظهرت الحكومة أنها قادرة على فعل شيء لمواجهة أزمة الغلاء وجنون ارتفاع الأسعار المتواصل منذ عدة شهور، وفى كل اتجاه، والتى باتت كأنها كابوس يؤرق حياة المصريين من حلايب وشلاتين إلى الإسكندرية ومرسى مطروح.
وأنا لا أقصد بالطبع مبادرات أهلا رمضان ولا كتف بكتف على أهميتها في توفير الغذاء أو تيسير الحصول الناس على احتياجاتهم من سلع الشهر الكريم ولكن أقصد وهو الأهم ما اتخذته الحكومة من قرارات هامة لتصحيح أخطائها في التعامل مع أزمة الأعلاف بأنواعها والتيسيرات المقدمة بعد طول انتظار لواحدة من السلع التى اكتشفنا أنها من أخطر السلع المؤثرة على عموم الناس.
وكذلك الأمر فى تعاملات الحكومة مع سلع أخرى استراتيجية أيضا كالسكر والأرز والبطاطس والتى ثبت بعد الاختناق الحاد الذى عانت منه الأسواق المحلية لتلك السلع، حيث لا وجود للتخطيط والتنسيق من جانب الجهات المعنية بإدارة تجارتنا الداخلية تقديرا واستيرادا على الأقل بالكفاءة المناسبة لمنع حدوث اختناقات حادة فى أسواق السلع محليا.
خاصة السلع الأساسية والضرورية بحسب تعريف الجمارك المصرية وعلى رأسها بالطبع اللحوم بأنواعها الحمراء والبيضاء وكذا السكر والشاى والأرز وزيت الطعام وخاماتها الأولية كالأعلاف والذرة وفول الصويا وغيرها.
ولعل الحكومة قد أدركت بعد الآثار الإيجابية التى أحدثها قرارها المتأخر بفتح باب الاستيراد للدواجن واللحوم الحمراء في التخفيف من أزمة الدواجن وتراجع أسعارها الملموس مؤخرا وتعمل على تعديل استراتيجيتها فى التعامل مع السلع الأساسية والضرورية لتجنب مزيد من الاختناقات السلعية في الأسواق المحلية.
ليس بالضرورة في أسواق السلع الغذائية، وإنما أيضا في منتجات هامة كالحديد والصلب والأسمنت وقطع غيار السيارات وغيرها والتى دخلت أيضا مرحلة الأزمة والأزمة الحادة بعد أن أصابها جنون ارتفاع الأسعار ورفعت سعر طن الحديد لما يقرب من 40 ألف جنيه.. ونفس الأمر بالنسبة للأسمنت وقطع غيار السيارات تخطت الارتفاعات فيها ما يتراوح بين 100% و200% خلال الشهور القليلة الماضية.
الأمر يحتاج إلى تنسيق حقيقى وفعال بين الأجهزة المعنية بإدارة ملف التجارة الداخلية والخارجية.. وإدارة تمتلك خبرات تجارية قادرة على التنبؤ باختناقات السوق والتنسيق والتوجيه بين القطاعات المعنية بالإنتاج والتصدير والاستيراد لتجنب الأزمات الحادة في الأسواق المحلية، وكذا إعادة النظر في منظومتنا الرقابية تشريعيا وإداريا، فقد أثبتت الأيام الماضية إن فشل الحكومة ضريبته باهظة ويدفعها الشعب كله.. لعلنا نتعلم الدرس.