المتزببون يرفضون رسالة الإمام
الهجوم الضاري الذي يشنه البعض داخل مصر وخارجها، علي مسلسل رسالة الإمام، الذي يتناول سيرة إمام الأئمة وبدر التتمة مولانا الإمام محمد بن إدريس الشافعي، ليس بجديد، فما زال الكثيرون هنا وهناك يهاجمون فيلم الناصر صلاح الدين الذي قام ببطولته النجم الكبير أحمد مظهر، ويرونه وثيقة فنية مزورة عن شخصية وزمن القائد الإسلامي الكبير صلاح الدين الإيوبي!
ومشكلة هؤلاء أنهم كما قالت العرب قديما، يريدون أن يتزببوا قبل أن يتحصرموا، أي يريدون أن يصبحوا زبيبًا حلو المذاق، قبل أن يمروا بمرحلة الحصرم الصغير حامض المذاق، وهي مرحلة التعلم المريرة التي تسبق مرحلة إبداء الرأي..
المبدع الحقيقي
فهؤلاء المتزببون لا يعرفون شيئا عن نظرية الفن، ولا يفقهون شيئًا من مناهج النقد الحديثة، ويظنون أن الدراما التاريخية مجرد أعمال وثائقية، الغرض منها تعليم النشء قواعد النحو والصرف وفن الخطابة، ويغفلون أن الإبداع الفني وجهة نظر ورؤية أعمق بكثير من مجرد اقتباس نصوص قديمة، ونطقها بطريقة صحيحة.
على سبيل المثال، يسخر هؤلاء المتزببون من فيلم الناصر صلاح الدين، ويتهمون صناعه وهم من أعلام الفكر والأدب بالجهل، لأن عيسى العوام، الذي قام بدوره الفنان صلاح ذو الفقار، كان مسلمًا ولم يكن مسيحيًا كما قدمه الفيلم، ولم يفهموا أن الأساتذة الكبار كتاب الفيلم أرادوا ترسيخ قيمة إنسانية عظيمة، يكرهها هؤلاء المتزببون، وهي قيمة الوحدة الوطنية التي تُبنى عليها الأوطان.
والآن يهاجمون مسلسل رسالة الإمام لأن القبط يتكلمون باللهجة العامية المصرية في المشاهد التي يظهرون فيها، ولم يستوعبوا أن صناع المسلسل أرادوا إظهار التعايش بين المسلمين الوافدين بلغتهم العربية الفصيحة، وبين الأقباط الذين لا يجيدون اللغة العربية ولا ينطقون بها أصلًا، ولكن المتزببين أرادوا قهر الأقباط في المسلسل، وحملهم علي النطق بلغة القرآن غصبًا عنهم.
في النهاية، يبقى دور المبدع الحقيقي هو تقديم شخصيات التاريخ من وجهة نظر فنية بحتة لاستلهام تجاربهم في التجديد والتنوير والدفاع عن الأوطان، المبدعون يقدمون أعمالًا فنية تهدف لترسيخ مبادئ وأفكار ومضامين تساهم في بناء دولة حديثة عمادها التسامح والتعايش وقبول الآخر، وهي مبادئ لا يوافقنا عليها للأسف المتزببون داخل مصر وخارجها.