الدورتان السنويتان.. خارطة طريق لمستقبل الصين والعالم (3)
شهدت فترة السنوات الخمس الماضية، من 2018 إلى 2022، تحقيق الصين إنجازات ملموسة في العديد من المجالات، والتي كشفت عنها تصريحات الرئيس شي خلال الدورتين، وكذلك تقرير عمل الحكومة. في كلمته أمام الدورة الأولى للمجلس الوطني الرابع عشر للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، أكد الرئيس شي جين بينج أن عام 2022 كان ذا أهمية كبيرة في تاريخ الحزب الشيوعي الصيني والدولة..
حيث شهد إنجازات مثمرة في قضية الحزب والدولة. وأن السنوات الخمس الماضية كانت بالغة الأهمية واستثنائية، إذ سجلت الصين متوسط معدل نمو اقتصادي سنوي بلغ 5,2% خلال هذه الفترة، وانتصرت في المعركة الحاسمة ضد الفقر، وانتهت من إنجاز بناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل، وشرعت في رحلة جديدة لبناء دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل.
خمس سنوات إنجازات
وبدوره، رصد تقرير عمل الحكومة أمام الدورتين الإنجازات التي حققتها الصين خلال السنوات الخمس الماضية، ولاسيما في المجال الاقتصادي والتجاري، والانفتاح على العالم الخارجي، ومن أبرزها: نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 121 تريليون يوان بمعدل سنوي متوسط قدره 5,2%.
بالاضافة إلي تعزيز التعاون العالي الجودة في إطار مبادرة الحزام والطريق، حيث زادت الواردات والصادرات بين الصين والدول الأخرى المشاركة في المبادرة بمعدل سنوي 13,4 %، كما سجلت التبادلات والتعاون بين الصين وهذه الدول تقدما كبيرا في مجموعة واسعة من المجالات.
- استمرار الالتزام بسياسة الانفتاح بشكل أوسع على العالم وتوسيع التعاون الاقتصادي والتجاري الدولي لتحقيق نتائج متبادلة المنفعة، علاوة على تبني إستراتيجية أكثر استباقية للانفتاح، والعمل على تعزيز الإصلاح والتنمية من خلال الانفتاح العالي المستوى.
تطوير أشكال جديدة للتجارة الخارجية، حيث شيدت 152 منطقة تجريبية شاملة للتجارة الإلكترونية العابرة للحدود، ودعمت إنشاء مستودعات في الخارج.
حافظت واردات وصادرات الصين على استقرارها، وتحسنت جودتها. كما تقدمت الصين بتجارب التنمية المبتكرة لتجارة الخدمات على نحو شامل واعتمدت القائمة السلبية لتجارة الخدمات العابرة للحدود.
تبني خطوات استباقية وفعالة للاستفادة من الاستثمار الأجنبي، إذ تم إنشاء نحو 21 منطقة تجارة حرة تجريبية في الصين، واتخذت خطوات ثابتة في تطوير ميناء هاينان للتجارة الحرة.
توقيع ست اتفاقيات للتجارة الحرة ورفع مستواها حديثا، وزادت حصة التجارة مع شركاء التجارة الحرة للصين من 26% إلى نحو 35% من إجمالي حجم التجارة الصينية.
الحلم الصيني والمصالح المشتركة
والحقيقة التي أسجلها بحكم عملي كدبلوماسي مصري سابق في بكين، أنه في السنوات العشر الأخيرة، أقامت الصين أكبر نظام للضمان الاجتماعي، بالإضافة إلى وجود نظام طبي وصحي متميز، وظهر هذا بشكل واضح إبان فترة انتشار وباء كوفيد- 19، وقد استفاد جميع الصينيين من إنجازات التنمية، حيث تم انتشال ما يقرب من مائة مليون شخص من الفقر، وتم حل مشكلة الفقر المدقع بشكل مبهر ونموذج ناجح جدير بأن تحتذي به الدول الفقيرة والنامية.
خلاصة ما سبق، أن جمهورية الصين الشعبية تسعى وتريد وتتبع أسلوبا تنمويا سلميا، فالحلم الصيني مرتبط بالمصالح المشتركة بين شعوب العالم. وكان ذلك واضحا من خلال ما قدمته الصين أثناء أزمة وباء كوفيد- 19، وكذا ما تقدمه من مشروعات واستثمارات في شتى أنحاء العالم للعمل علي نمو وازدهار الدول النامية والفقيرة، والعمل بمبدأ المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة..
حيث تعاونت الصين مع كافة دول العالم، وكذا المنظمات الدولية، وسعت جاهدة لتقديم يد العون للعديد من الدول، ولعل آخر هذه الخطوات هي المبادرة الصينية للسلام الخاصة بالأزمة الأوكرانية، حيث قدمت الصين مقترحا من 12 بندا لتحقيق السلام في أوكرانيا بالتزامن مع الذكرى الأولى لاندلاع الحرب التي لا تلوح في الأفق أي إشارة على قرب نهايتها.
في الوقت نفسه قامت الصين بإلغاء كثير من الديون عن كاهل الدول النامية والفقيرة، ولا يمكن أيضا أن ننسى كيف ساهمت الصين في تجاوز تداعيات الأزمة المالية العالمية 2008، وكيف تسعى جاهدة للمساهمة في الخروج من الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية.
ونحن في هذا العام ننتظر النتائج الإيجابية للدورتين بالنسبة لدول العالم، خاصة الدول العربية الصديقة للصين، وفي ظل التأكيد الدائم علي أن الصين تفي بوعودها ليس لشعبها ومواطنيها، فحسب، وإنما أيضا لشعوب العالم كافة، وبصفة خاصة شعوب الدول النامية والفقيرة. ونأمل في أن تستفيد دول العالم كافة مما تقدمه الصين من فرص وأفكار، ولاسيما في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية.