وهل تجوز الحياة بلا امرأة؟
قبل أن اتفلسف، وأزيدكم تشويقا، نرد ونقطع بالقول الفصل: كلا وألف كلا! لا تجوز الحياة بدون امرأة، هي أمي أو أختي أو زوجتي حبيبتي أو زميلتي، مسافات الاقتراب تتحدد وفق نوع العلاقة، فالزميلة غير الحبيبة، والحبيبة غير الزوجة والزوجة الحبيبة غير الزوجة والسلام، والأخوات غير كل النساء، والأمهات غير هؤلاء أجمعين.
تخيل لو أن الله ملأ الأرض بالرجال فقط، وهو قادر على كل شئ، فماذا يكون الحال وماذا يكون الحصاد؟ لا حال ولا حياة ولا حصاد خلق الله آدم الرجل، وخلق حواء المرأة، ربما لم يدركا أنهما سيتجاذبان وينجذبان إلا بعد أن عصيا أمر ربهما واطاعا نزغ الشيطان ووسوسته، فرأيا سوءاتهما، فحل الإحساس بينهما رجلا وامرأة، وحل الحب بينهما رجلا وامرأة..
ومن هذا التجاذب، ومن هذا الحب المقدور، جئنا جميعا، الأبيض والأسود والأصفر والقمحي، أمما شتى وألسنة شتى، ومصالح شتى، وعقولا شتى، تتباين فى كل شئ، إدراكاتنا وموقعنا ومصالحنا وأحلامنا وحاجاتنا، لكننا جميعا نعشق المرأة في كل مكان وفي كل زمان، نحبها أما، وزوجة وحبيبة..
أعظم امرأة
ومهما اشتكى الرجل من منغصات الزوجات في البيوت، فإنه يعرف جيدا أن هجر الزوجة بيتها أيامًا هي عذاب وقفر وملل وبيت مهجور. نعرف نحن الرجال الأزواج أننا نفرح بالإجازات الزوجية، نسهر ونبرطع في البيت، لا طلبات ولا نهي ولا زجر ولا ملامة، ونعرف بالتأكيد أن هذا الشعور بالحرية، سرعان ما يتبدد بعد مرور 72 ساعة !
سوف تفتقد القلق، الصوت العالي، اللمة، الاحساس بالونيس، بشخص تحبه، يحبك، يأنس لك وتأنس له، ومهما جرى من تشاحن فهو بخار مبدد.
على المستوى الشخصي، فإن أعظم امرأة في حياتي هي أمي الراحلة رحمها الله رحمة واسعة، كانت ذات إرادة حديدية، وذات عقل راجح، ولها كلمة مسموعة، وهي محيط هادر من الحنان والحب والعطاء لحد التضحية. هي سبب تعليمي في القاهرة رغم نقص المال في المنصورة، لكنها صممت ونفذت ولم اخذلها قط، حتى آخر نفس لها في الدنيا رحمها الله كل الرحمة.
ماتت وهي تقول لي "مش عايزه أموت علشان بحبك يا محمد. عشرة ع الغالي يا محمد"، كل زوج يرى أمه هي رقم واحد، وكل زوجة ترى أمها رقم واحد، مع ذلك فإن بعضهن وهن نساء للعجب يسألن السؤال القاتل. المهين: تحبني أم تحب أمك؟! لا تسأل هذا السؤال البشع إلا نفس بشعة مريضة، تعرض أساسات بيتها لزلزال مدمر.
المرأة الزوجة غير المرأة الأم، غير الاخوات، لكنهن جميعا ماء الحياة، إذ لا حياة بدون ماء، وبدون ذرية. هن أمر الله لاكتمال الوجود وتعمير الأرض. هن أجمل أروع ما ومن خلق الله. ومن عجب أن يستغني رجل عن امرأة فيكتفي بالزواج من رجل والعكس! ذلك دين أمريكي جرى تقنينه في بلاد الشيطان سام!
كان آدم وكانت حواء فكنا نحن.. لم يكن آدم مع آدم، ولا حواء مع حواءـ كلهم عندئذ عدم، ولم يجر به أمر من الله!
تحية لكل ست عظيمة تحفظ بيتها وزوجها ومصرها.. وتفاديا لنقار ارتقبه بعد نشر هذا المقال، أزجي التحية وأرفع القبعة وأنحني حبا وطاعة للسيدة زوجتي الحنون المتسامحة، في يومها العالمي، وكل الحب لكن جميعا.