اللى شبكنا يخلصنا!
عندما أذيعت أغنية عبد الحليم حافظ الشهيرة جانا الهوا أشاع البعض أنها فيها إسقاطات سياسية، رغم أنها أغنية عاطفية، وذلك بسبب أنها تضمنت بيتا جاء فيه: ما رامانا الهوا ونعسنا واللى شبكنا يخلصنا!.. فقد كانت مصر وقتها قد أصيبت بصدمة هزيمة يونيو، ورفض الشعب وقتها استقالة عبد الناصر، وتمسك باستمراره فى موقعه لإزالة آثار تلك الهزيمة وإعادة بناء القوات المسلحة لكى تسترد سيناء التى احتلت فى يونيو 1967 والكرامة الوطنية!
وبغض النظر عن أن هذا الإسقاط السياسى لم يكن صحيحا لأن كل كلمات الأغنية التى كتبها الشاعر محمد حمزة كتبت بمداد عاطفى جدا، إلا أنه أثار وقتها إشكالية غير عاطفية تتمثل فى سؤال طرحه البعض وقتها وهو: هل المسئول عن مشكلة أو أزمة قادر على تجاوزها وإيجاد حل لها أم لا؟! أو هل من صنع الأزمة يمكنه التخلص منها أم لا؟! وهذا سؤال لم يتفق على إجابته أحد من وقتها حتى الآن!
فهناك من يرى أن من صنع المشكلة أو الأزمة عليه مسئولية أدبية يجب أن يتحملها للخلاص منها وعلاجها.. فضلا عن أنه يعرف ماذا حدث تحديدا، وأفضى لحدوث هذه المشكلة أو الأزمة، وبالتالى هو الأقدر على تجاوزها وإيجاد حل لها، بدون إهدار وقت، أما غيره سوف يحتاج لوقت للدراسة والبحث فى الأسباب التى تسببت فى المشكلة أو الأزمة وإيجاد علاج لها..
بينما يرى آخرون فى المقابل أن من صنع مشكلة وتسبب فى وقوع أزمة لا يصلح أن يحلها ويعالجها ويتعين أن يقوم بذلك غيره لأنه ستكون له رؤى وأفكار أخرى مختلفة، ولن يكرر ذات الأعمال والسياسات التى تسببت فى حدوث المشكلة أو وقوع الأزمة!
ورغم انقضاء نحو ستة عقود على إذاعة أغنية حليم العاطفية إلا أن السؤال السياسى الذى أثارته وقتها لم يجد إجابة عنه حتى الآن، ونسمعه يتكرر طرحه مع التعرض لأى مشكلة.. وهذا أمر طبيعى لأننا خلقنا مختلفى المشارب والتفكير.