تصريح 28 فبراير 1922 وبداية استقلال مصر
تمر اليوم الذكرى مائة وواحد لتصريح 28 فبراير عام 1922 والصادر من بريطانيا، والذى قبلت فيه استقلالا جزئيا لمصر وبموجبه أصبحت مصر دولة ذات سيادة، وقد قبلته الحكومة المصرية برئاسة عبد الخالق ثروت، والذى بموجبه تم إعلان إنهاء الحماية البريطانية على البلاد، على أن تحتفظ بريطانيا بحق تأمين مواصلات إمبراطوريتها في مصر، وحقها فى الدفاع عنها ضد أى اعتداء أو تدخل أجنبى، وحماية المصالح الأجنبية والأقليات فيها وهو ما يعد استقلالا منقوصا.
كان تصريح 28 فبراير 1922 أولى ثمرات ثورة 1919، بعدما رضخت بريطانيا لإصدار ذلك التصريح لإنهاء الحماية البريطانية التى كانت مفروضة على مصر، وذلك بان قام اللورد ألنبى بإصدار قرار صباح يوم 28 فبراير 1922، بعنوان تصريح لمصر، وتم الاعتراف فيه باستقلال مصر، وإلغاء الأحكام العرفية. مع إبقاء الوضع في السودان على ما هو عليه..
ولكن لم تقتنع المعارضة المصرية بتلك القرارات، حيث كانت الحركة الوطنية تسعى في ذلك الوقت إلى تحرير مصر من الاحتلال البريطاني وليس الانفصال عن الدولة العثمانية والاستقلال التام عنها، لأن ذلك في نظر الشعب المصرى كان من شأنه أن يفتت وحدة العالم الإسلامي، لكن هذا الوضع أخذ يتغير عندما قامت الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918م) ودخلت الدولة العثمانية في حرب ضد إنجلترا.
وكانت فرصة لإنهاء السيادة العثمانية على مصر وفرض الحماية البريطانية وبعد انتهاء الحرب وهزيمة الدولة العثمانية وسقوط فكرة الجامعة الإسلامية، معها أدرك الشعب المصرى أنه غير ملزم بقبول السيادة العثمانية، وبرزت فكرة الجامعة المصرية (القومية المصرية) حيث المصريون يأملون في تحقيق آمالهم من خلال مؤتمر الصلح المقرر عقده في باريس 28 يونيو 1919م..
رفض لجنة ملنر
وكان سعد زغلول وزملاؤه يجهزون أنفسهم لحضور المؤتمر ولكن بريطانيا قررت نفى سعد زغلول وبعض أعضاء الوفد الذى كان يعد نفسه للسفر إلى المؤتمر في جزيرة مالطة فاشتعلت الثورات المصرية في كل أنحاء المحروسة وشملت كل طوائف وطبقات الشعب فرضخت بريطانيا وعدلت قراراتها بخصوص الوفد الذى كان بالمنفى..
وأفرجت بريطانيا عن سعد زغلول وزملائه وسمحت لهم بالسفر إلى باريس، وسد الطريق أمام الوفد عندما اعترفت دول المؤتمر بالحماية على مصر، والحصول على اعتراف الشعب ذاته بإرسال لجنة ملنر لإقناعهم، وهو ما قوبل بالرفض من عموم الشارع المصرى.
الشعب المصري رفض لجنة ملنر وقاطعوهم وقاطعوا القرارات التي أقرها المؤتمر في الوقت الذى كان سعد زغلول متواجدا بباريس، كان يقود الحركة في مصر لجنة الوفد المركزية وأمام ذلك رضخ ملنر إلى التفاوض وبدأت المرحلة الأولى بين (سعد وملنر) وكان هدفها إلغاء الحماية البريطانية على مصر والاعتراف باستقلال مصر التام الداخلي والخارجي ولكنها فشلت لإصرار بريطانيا على تحويل استقلال مصر لاستقلال شكلي عن طريق حماية المصالح الأجنبية وحرمان مصر من إقامة أي علاقات مستقلة مع دول أخرى.
وما كان من سعد زغلول إلا الرفض التام لإبرام أي اتفاقيات، واعتقل زغلول ونفى للمرة الثانية ولكن إلى جزيرة سيشل تمهيدا لإعلان ما عرف باسم تصريح 28 فبراير 1922 الذي نص على إنهاء الحماية البريطانية على مصر لتكون مصر ذات سيادة، وإلغاء الأحكام العرفية التي كانت قد أعلنت في 24 نوفمبر 1914