مفاتيح السعادة، حب النبي وآل بيته (2)
قال تعالى: "إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا".. والمودة: "قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ ". وصح أنه صلى الله عليه وسلم قال على المنبر: ما بال أقوام يقولون: إنّ رحم رسول الله لا تنفع يوم القيامة، بلى إنّ رحمي موصولة في الدنيا والآخرة.
وعَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي. وعن زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا، بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَـرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللهِ، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ، فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي".
وأخرج مسلم وأبو داود، عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرج رسول الله ذات غداة وعليه مرط مُرَحَّل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: " ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا". وفي ذلك إشارة إلى أنهم المراد بأهل البيت في الآية.
فضل آل البيت
وصحّ أنّ النبي صلى الله عليه وسلم جعل عليهم كساء، وقال: اللّهم هؤلاء أهل بيتي وخاصَّتِي، أَذْهِبْ عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فقالت أم سلمة: وأنا معهم؟ فقال: إنك على خير. وفي حديث حسن، أنه اشتمل على آل العباس وبنيه بملاءة، ثم قال عليه الصلاة والسلام: هذا عَمِّي وصِنْوُ أبي، وهؤلاء أهل بيتي، فاسترهم من النار كستري إياهم بملاءتي هذه، فقالت أُسكفت الباب.
ووردت أحاديث كثيرة عديدة تبين فضل آل البيت، منها: ما ورد في فَضل الحسن والحسين؛ وأبويهما، كقول النبيّ، صلّى الله عليه وسلّم: الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ. وقوله صلى الله عليه وسلم، في الحسنين: اللهم إني أحبهما، فأحبهما، وأحب من يحبهما.
في الحديث الشريف: "أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ، فإنَّما أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُما كِتَابُ اللهِ، فيه الهُدَى وَالنُّورُ، فَخُذُوا بكِتَابِ اللهِ، وَاسْتَمْسِكُوا به، فَحَثَّ علَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قالَ: وَأَهْلُ بَيْتي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتي".
وقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أنّ النبيّ، عليه الصلاة والسلام، قال للزهراء البتول: أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هذِه الأُمَّةِ فَضَحِكْتُ لذلكَ.
قال أبوبكر الصديق رضي الله عنه: "والله لقرابةُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحب إليّ أن أصِل من قرابتي"، وقال أيضًا: "ارقبوا محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم في أهل بيته"، (أي: احفظوه فيهم فلا تؤذوهم ولا تسيئوا إليهم).
وأعظم رجال الدين الأوائل، مثل الأئمة الأربعة؛ مالك، وأبي حنيفة، وابن حنبل، والشافعي، كانوا شديدي الحب لآل بيت سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، حتى أن الشافعي اتُّهِم من النواصب بأنه رافضي؛ من شدة حبه لآل البيت.. فلم يزده ذلك إلى استمساكًأ بذلك الحب، وأعلنها صريحة: "إنَّ حبي لآل بيت النبي رفضًا.. فليشهد الثقلان أني رافضي".