رئيس التحرير
عصام كامل

حكايتى مع مرسي عطا الله!

أعشق ممارسة الرياضة وأيضا مشاهدتها، وانتمى إلى نادى المدرسة والفن والهندسة، كنت أحلم أن أتجاوز شهرة محمد حسنين هيكل، واتجاوز عبقرية يوسف إدريس، هذه أحلام إبن قرية الشين، إحدى قرى محافظة الغربية، وعندما حصلت على الثانوية العامة فشلت في الالتحاق بكلية الإعلام، وكان مجموعي يمكنى أن ألتحق بإحدى كليات الهندسة الإقليمية، ولكن اخترت كلية الفنون التطبيقية زاعما لأسرتي إننى أريد أن أكون فنانا مثل أخى الأكبر..

 

والحقيقة إننى التحقت بالكلية حتى أكون في القاهرة وقريبا من عالم الصحافة، كنت أتابع الصحافة الرياضية والحكومية والمعارضة بشكل كبير، سندوتشات التابعى تكفينى ولكن اشترى مجلة الدوحة مثلا. ومن متابعتى لمجلة الزمالك (77- 78) التى كان يرأسها وقتها الشاب مرسى عطاالله وقراءة مقالاته القوية الساخنة، كتب أكثر من مرة عن مشكلة التمويل وكيف يستمر الصرف على الكرة والسفر..الخ بدون دخل يكفى.. 

 

وفي ذلك الوقت كانت ملاعب الأندية مفتوحة للجماهير طوال الأسبوع لمشاهدة تدريب فرقهم، كتبت خطاب إلى رئيس تحرير مجلة الزمالك أقترح عليه وسائل يمكن بها المساهمة في حل مشكلة الإنفاق على فرق الكرة، فوجئت بنشر ما أرسلته على صفحة كاملة وصورتى فيها! لم أصدق عينى! 

 

وأرسل قراء تعليقات على اقتراحى، فكتبت تعليقا عليهم، وأيضا نشر الأستاذ مرسى عطاالله تعليقى، المدهش في المرتين لم يغير حرفا مما كتبت، كل هذا ولم أفكر أن أعمل في المجلة مطلقا، وبعد عدة أعداد قرأت خبرا عن تشكيل فريق لتوثيق تاريخ نادى الزمالك، فكتبت تعليقا على هذا الخبر، وطلبت تحديد لقاء مع رئيس التحرير.

مواقف لا تنسي

نشر تعليقى على الخبر، ثم كتب الاستاذ مرسى عطاالله في عموده في الصفحة الأخيرة كلمة لى: إلى الصديق محمد نوار أهلا بك في بيتك.. نادى الزمالك، ويمكن نلتقى الخميس القادم!

لم أصدق عينى، وكنت أصوم الإثنين والخميس، يوم الخميس المحدد وفى التاسعة صباحا كنت في مجلة الزمالك في الدور الثانى في المبنى القديم، والتقيت بالآنسة منى الشيمى سكرتيرة رئيس التحرير وابلغتها إننى قادم بموعد، فقالت: الأستاذ مرسى عطا الله سيصل في السابعة مساء! قلت: سانتظره!

من التاسعة صباحا إلى السابعة مساء أتجول في ملاعب نادى الزمالك، والتقيت به وقلبى يرتجف، ولا أعرف السبب! رحب بى وسمعنى جيدا، قلت: عايز اتعلم واشتغل بدون مقابل! ابتسم قائلا أهلا بك! عملت خمسة سنوات مع العظيم مرسى عطا الله، في ظل كبار نادى الزمالك على رأسهم العظيم حلمى زامورا.

وبعد عدة شهور اكتشف أن مساعدينه لا يقدم له الشغل الذى أقدمه! كان الأستاذ مرسى عطا الله لا يتقاضى راتبا من نادى الزمالك، اقترح الكابتن حلمى زمورا رئيس نادى الزمالك  على الاستاذ مرسى عطا الله أن يسافر مرافقا لفريق سلة الزمالك إلى أوروبا الذى كان يشارك في بطولة أوروبا منذ الستينات، وبالفعل وافق وسافر مرافقا مع فريق السلة، وأصدر قرارا بأن يقوم الاستاذ محمود فايد بمسئولية رئيس التحرير في أثناء غيابه ثلاثة أعداد.

رئيس تحرير مجلة الزمالك

المفاجأة: اجتماع مغلق مع الاستاذ محمود فايد وقال: محمد نوار هو المسئول عن المجلة معاك، الوحيد الذى يحدد ما ينشر من عدمه! لم أصدق خاصة كان معنا محترفين وكنت مازلت طالبا، كان معنا خالد جبر، محمد مجاهد، جمال هليل، عبدالمنصف شكر، أحمد طه، موسى عبدالله، فؤاد فواز!

كان الأستاذ محمود فايد يأخذ المادة ويسمع المقترحات ثم يضع المادة في الشنطة بدعوى أنه سيرسم الماكيتات فى البيت، بعد انصراف المحررين في الأهرام، ثم يفتح الشنطة لأعيد قراءة الشغل وتعديل العناوين ثم أستبعد وأضيف بحرية كاملة! ثلاثة أعداد مارست فيها رئاسة التحرير وعمرى عشرين عاما وعدة شهور!

سافرت إلى سلطنة عمان عام 1983، وفى أول مقال لي في مجلة العقيدة التي كنت أعمل فيها كتبت مقال بعنوان "خطاب غير مجرى حياتى" وفى هذا المقال كتبت حكايتى مع مرسى عطا الله الذى كان سببا لعملى فى الصحافة، وكنت في كل إجازة أزوره  في مبنى جريدة الأهرام لكى أسلم عليه، وأذكر في عام 1984 وكان الأستاذ مرسي عطا الله قد ترك رئاسة مجلة الزمالك، قال لى: شفت من فوائد تركى الزمالك هو اننى تزوجت!

مرت السنوات وبعد نجاحى في قيادة مركز رامتان طه حسين الثقافى، كان يتولى وقتها الأستاذ مرسي عطا الله رئيس تحرير الأهرام المسائى أصدر تعليماته إلى القسم الثقافى بالاهتمام بأخبار مركز رامتان، بل كتب بنفسه في الصفحة عن المركز مقال كاملا، ثم صفحة كاملة أفردت لمركز في الجريدة بالإضافة إلى الأخبار العادية.

 

 

في يوم كتبت إليه رسالة من عدة كلماتى “أستاذى: كل ما حققته في الصحافة ومركز رامتان الثقافي أنت من زرعت بذرته ولك الفضل بعد الله.. تلميذكم: محمد نوار”. وجاء رده: أنت تستحق كل النجاحات التى حققتها وأكثر.. لأنك موهوب وأمين" ومازلت احتفظ برده حتى الآن.

رحل أستاذى مرسى عطا الله وهناك مئات من المواقف التى يمكن كتاباتها.. رحم الله الأستاذ المعلم لى.

الجريدة الرسمية