خطيئة فالنتين
لقد ذكرت في المقالين السابقين، واللذان حملا عنوانًا واحدًا (إلى متى سيظل العرب مفعول بهم) إن الغرب قد خطط منذ زمن بعيد، للقضاء على الأمة العربية، والتحكم فيها، وامتلاك مقدراتها، واحتلالها كل ذلك دون أن يطلق، رصاصة واحدة، وسبيله في ذلك هو الشباب، الذي يُعد وقود الأمة، وقاطرة تنميتها، وحضارتها..
ويشاء العلي القدير، أن يتزامن مع هذين المقالين، ما يُسمى بعيد الحب، فتبارى الشباب على محلات الهدايا، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، لتهنئة بعضهم بذلك العيد المزعوم، وسط آلاف من رسائل، ورسومات الحب، أو اللوم لمن نسي أو تأخر في تهنئة من يحب، بذلك العيد المزعوم، وللأسف غالبية من يحتفلون بذلك العيد المزعوم، لا يعرفون ما هي مناسبته، لكنه مجرد اتباع أعمى للغرب، دون فهم حتى لسبب ذلك الاتباع، وتلك العادة.
ولمن لا يعرف ما هو الفالنتاين، أو ما يطلق عليه عيد الحب.. فهو يوم جُعل تخليدًا لذكرى رجل من الرومان؛ قد زنا بابنة الملك فتم قتله لذلك، وكان اسمه فالنتاين، وبعد ذلك مات الملك لكن ابنته الأميرة كانت لا تزال، حزينة على عشيقها فقامت بتخليد يوم مقتله، الذي وافق 14 فبراير، وتم تسمية ذلك اليوم بعيد الحب..
أي أن ما يُسمى بعيد الحب، ما هو إلا تخليد لذكرى واقعة زنا، وللأسف أغلب الشباب يحتفلون بهذه الذكرى، ويتفاخرون بها، وكثير منهم لا يعرف سر ذلك اليوم، ويرون أن من لا يحتفل به، أو يرفضه هو إنسان متخلف، ورجعي، ومصطلحات أخرى أغلب من ينطق بها، لا يدري كونهها، وماهيتها.
بالرغم كل ما سبق بالفعل هناك عيد للحب، وهو غير محدد بيوم، أو ساعة.. لا تتعجب عزيزي القارئ الكريم، بالفعل هناك عيد للحب، وإن كان كل يوم في حبك عيد، وليس في كل يوم بل، وفي كل لحظة، وهمسة، ومع كل نفس يشتاق فيه القلب لحضرتك، يا سيدي يا رسول الله.. فإن كان هناك عيد للحب.. فهو لك وحدك يا تاج الرأس، ويا نور العين.
وصدق سيدنا حسان بن ثابت رضوان الله عليه حينما قال عن يا سيد العالمين:
وأجمل منك لم ترى قط عيني... وأفضل منك لم تلد النساء
خُلقت مبرأَ من كل عيب ... كأنك خُلقت كما تشاء
صل الله وسلم وبارك عليك يا زين البرايا، يا من لولاه لم يظهر للعالم عين من الخُفيات.
نعم إن كل لمحة، ونفس، وكل خفقة يخفق بها القلب، بحب رسول الله صل الله عليه وسلم، هي عيد متجدد لا ينقطع، ولا يتبدد من كل قلب ذاق، وعرف حب نبي الرحمة، والإنسانية صلوات ربي، وسلامه عليه.
بالله عليكم أخبروني من هو الأحق بهذا العيد، وبكل الحب، والشوق.. بل هل هناك أصلًا أي وجه لمقارنة بين حب سيد المرسلين.. فخر الكون، وسلطان الأنبياء، وأي حب آخر؟!
جاء أعرابيًا إلى سيدنا رسول الله صل الله عليه وسلم، وقال لحضرته: يا رسول الله متى الساعة؟ فقال صل الله عليه وسلم: وما أعددت لها؟ قال: ما أعددت لها من كثير صوم، ولا صلاة، ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله، فقال نبي الرحمة والرأفة صلوات ربي، وسلامه عليه: أنت مع من أحببت.. صدق رسول الله صل الله عليه وسلم.
كيف يُقارن أي حب زائل، بهذا الحب العظيم السامي؟! فمتى تستيقظ أمة الإسلام من غفوتها؟! متى تدرك أنها لا تزال مفعول بها؟! وأن الغرب يسعى بكل جِد، واجتهاد لتجريدها من دينها، حتى يصبح مجرد اسم، أو كلمة في مستند فقط.
فلنجعل نحن المسلمون يوم عيد الحب يحمل عنوان الحب هو رسول الله، ولنجعلها سنة حسنة نرسل فيها إلى حضرته الشريفة، أعظم الصلوات، والتسليمات، والمنجاة لسيد المرسلين صل الله عليه وسلم، ولنذكر أنفسنا بأخلاقه العظيمة، وآدابه السامية، وبرأفته اللامتناهية حتى نرتشف من فيض نفحاته، وبركاته، وأنواره المباركة، ولا ننسى أنه صل الله عليه وسلم الذي قال: يارب أمتي.. أمتي. فماذا فعلت أمته تجاه ذلك الحب اللامتناهي، من سيد المرسلين صل الله عليه وسلم، تجاه أمته؟!
أرجو من كل من يقرأ هذا المقال أن يُلبي تلك الدعوة، ولينشرها بين الناس، وهي أن نجعل مظاهر عيد الحب كلها، لرسول الله صل الله عليه، وأن نسمي هذا اليوم.. يوم في حب رسول الله صل الله عليه وسلم، فهو أجمل عيد في الدنيا والآخرة، صل الله وسلم وبارك عليك يا سيدي يا حبيبي يا مولاي يا تاج رأسي، ونور عيني يا سيدي يا رسول الله كلما ذكرك الذاكرون، وغفل عن ذكرك الغافلون، كل هذا في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علمك يا الله.