التغيير الضرورى
حبا وغيرة على مصلحة الوطن، نختلف مع الحكومة وننتقد قراراتها، ننتقد بشدة ونختلف بقوة، ولكن ليس لدينا أهداف سوى مصلحة مصر، ليس لدينا سوى الحلم بأن تصبح مصر جنة الله وفى صدارة دول العالم، كل من يقرأ كلماتى أو يعرفنى يعلم أننى مازلت أؤمن بضرورة أن يكون الاقتصاد وعناصر الانتاج في يد الدولة أولا، مع إعطاء الفرصة كاملة لكل صاحب رأسمال يفكر من أجل رفع مستوى المواطن..
ومن هذا المنطلق فإننى أرفض سياسات الدولة المصرية، منذ انفتاح السادات "السداح مداح" على رأى استاذنا الراحل أحمد بهاء الدين، وكتبتها ألف مرة ومرة بأن الدولة المصرية تسير على أجندة السادات التى تركها قبل رحيله، لم يأت حسنى مبارك بجديد مطلقا، بل طبق نفس أجندة السادات، وبدأ التخلص من أملاك الشعب من مصانع وشركات كبرى، بدعوى أننا نتجه إلى اقتصاد السوق، أو الرأسمالية..
رؤية رفعت المحجوب
والحقيقة أنه تم تدمير ثروة مصر وبعثرتها وإهدارها بخطة ممنهجة، ربما لوعدنا قليلا إلى الثمانينيات، وقت أن كان الدكتور رفعت المحجوب رئيسا لمجلس الشعب حيث كان الدكتور رفعت المحجوب يؤمن بضرورة المحافظة على القطاع العام، وعندما أثير في مجلس الشعب فكرة التخلص من القطاع العام، قال الدكتور رفعت المحجوب: بيع القطاع العام على جثتى!
وقد اعترف الدكتور مصطفى الفقى أنه لم يكن متوافقا مع رؤية الدكتور المحجوب، لدرجة أنه طلب من الرئيس حسنى مبارك أن ينبه على الدكتور رفعت المحجوب عدم الإطالة في خطبة افتتاح دورة مجلس الشعب التى يحضرها الرئيس مبارك، منبها أن خطبة الدكتور المحجوب تمتاز بقوة الأسلوب وتؤكد على استمرار القطاع العام، فى حين أن هذا عكس ما يقوله الرئيس مبارك في كلمته، وبالفعل حسب تصريحات الفقى فإن مبارك كلفه بأن يبلغ الدكتور المحجوب بالا تزيد كلمته على أربع دقائق حتى لا يأخذ الفرصة بالحديث عن سياسة تملك الدولة للقطاع العام!
عزيز صدقي ومحمود محيي الدين
بل ان هناك قصة رواها الراحل الدكتور عزيز صدقى أبوالصناعة المصرية، عندما تم اختياره ضمن اللجنة التى تبحث بيع بعض المصانع والشركات، كان رئيس اللجنة الدكتور محمود محيى الدين الوزير المهم فى حكومات مبارك، في أول اجتماع للجنة تم توزيع كشوف بأسماء المصانع المرشحة للبيع، قال الدكتورعزيز صدقى: لماذا تفكر الحكومة في بيع هذه المصانع؟ كانت إجابة الدكتور محمود محيى الدين: لأنها خاسرة.. سيشتريها رجال أعمال لتصحيح أوضاعها؟!
فجاءت إجابة الدكتورعزيز صدقى صادمة حيث قال: أولا ليس صحيحا أن جميع المصانع المعروضة للبيع خاسرة، ثانيا إذا كان رجال الأعمال جادين فلماذا لا يشيدون هم مصانع جديدة تستوعب العمالة من الشباب وفى نفس الوقت تقوم الحكومة بإصلاح أوضاع المصانع الخاسرة؟!
طبيعى ضاعت كلمات الدكتور عزيز صدقى في الهواء، وتم بيع المصانع في أكبر عملية تخريب ممنهج، لأن كثيرا من رجال الأعمال لم يكونوا جادين، وباعوا المصانع كأرض فقط، وتكسبوا مئات الملايين من ورائها، وكما قال الدكتور حسام عيسى أنه فوجئ باختياره ليكون مسشارا قانونيا في إحدى الصفقات، وكانت مكافأته تقترب من المليون دولار، إلا أنه أعتذر عندما إكتشف أن الأمر ما هو إلا شراء مصانع بتراب الفلوس لناس من أهل الحظوة، فقرر الانسحاب!
تغيير السياسات
لم يختلف الأمر لدى الحكومات المتعاقبة حتى الحكومة الحالية، وافتقدنا للأسف الرؤية التى ترفع مستوى المواطن، وأصبح المواطن ضحية لسياسات يدفع الثمن المواطن البسيط، وكان اختلافنا مع الحكومات أنها تفتقد فقه الأولويات، لأن فقدان هذا العلم أوقعنا في الحالة التى نمر بها الآن، وكلامى هنا موجه إلى الرئيس السيسي، لابد من مراجعة السياسات، عندما طالبنا بإعادة ترتيب المشاريع الكبرى، سخر منا المسئولون.. وعندما حذرنا من تولى الأمور قيادات لا تملك الحد الأدنى من مؤهلات القيادة، قيل أنتم لا تعرفون شيئا واتهمنا بالجهل..
سيدى الرئيس: بعد نكسة يونية خرج عبدالناصر واعترف بالمسئولية وبخطأ الكثير من السياسات، ولهذا كانت حرب الاستنزاف العظيمة وتوجت بانتصار أكتوبر العظيم، أننى لا اطلب منك الاعتراف بالخطأ أمام الشعب، ولا حتى الاعتراف بخطأ السياسات، ولكن بيدك أنت وحدك أن تغير الأمور وتغير السياسات، وتأكد أنك ستجد الشعب حولك وفي ظهرك.
سيدى الرئيس: الشعب ينتظر دائما الإصلاح، ينتظر ارتفاع مستوى معيشته، ينتظر أن تنقذه من الأسعار المنفلتة يوميا ويرى عجز حكومته عن فعل أى شىء، أنت الربان القائد وأنت الذى تستطيع أن تغير السياسات، والمواطن ينتظر التغيير على يدك، ولا تراهن على صبر المصريين لأنهم بشر لديهم قوة التحمل ولا يصح أن تراهن الحكومة عليه..
سيدى الرئيس: مازلت أنت الأمل والوحيد الذى يزرع الأمل لدى المصريين بعد أن فقدوه تماما.