كوكب الشرق.. والغرب
اختيار مجلة رولينج ستون الأمريكية الفنانة أم كلثوم ضمن أعظم 200 مغنى عبر التاريخ صادف أهله.. لكني أرى أن ترتيبها الحادي والستين في قائمة التصويت التي أعلنتها المجلة لا يوازي قيمتها الحقيقية كفنانة أسطورية وإنسانة فذة حفرت اسمها بحروف من نور في قائمة الخلود الفني والوجدان الشعبي والتراث السياسي والوطني لفترة مهمة من تاريخ مصر والعرب أجمعين.
المجلة الأمريكية، وهي بالمناسبة مجلة تختص بالشأن الموسيقى طرحت أول أعدادها في التاسع من نوفمبر 1967، قالت في تقريرها المنشور على موقعها الرسمي بعنوان "أعظم 200 مطرب في كل العصور"، إن هذه القائمة لأعظم المطربين وليس أعظم الأصوات، وجاء اختيارها وفقًا لمعيار القدرة على التأثير والتراث الموسيقى؛ وهو ما يفسر استبعاد أسماء مغنين مشهورين كانوا ولا يزالون ملء السمع والبصر في الغناء وليس في الأثر الإنساني والاجتماعي لهذا المطرب أو ذاك.
المطربين الأعظم تأثيرًا
قائمة المطربين الأعظم تأثيرًا حول العالم ضمت أيضًا مطربين من عصور مختلفة من الماضي والحاضر منهم ريهانا، وليدي جاجا، وبيونسيه، وويتني هيوستن، فريدي ميركوري، ألفيس بريسلي، فرانك سيناترا، إلتون جون، بوب مارلي، مايكل جاكسون، أديل.
قالت المجلة في حيثيات اختيارها لأم كلثوم ضمن قائمة الأفضل تأثيرًا "إنها واحدة من المغنيات اللاتى ليس لهن مثيل حقيقي بين المطربين في الغرب لعقود من الزمان، وهى إلى حد كبير روح العالم العربي، ولا يمكن طمس النوع الغنائى الخاص بها، حيث تمتلك القدرة على التنقل عاطفيًا بطريقة مذهلة في أغان معقدة تستمر بسهولة لساعات.
كما يمكنها التنقل بين الموضوعات المزخرفة، بسهولة، حيث كانت تقوم بالغناء أمام الحشود وتظهر كـ "شعلة النار"؛ وهو ما يعكس في قدرتها العبقرية على إشعال حماس الجماهير العريضة التي كانت تتابعها مباشرة في الحفلات أو أمام المذياع".
تأثير أم كلثوم على الناس
لم تكتف المجلة بتناول العبقرية الفنية لأم كلثوم بل مضت ترصد مدى تأثيرها في الناس الذين أحبوها وعشقوا فنها بصورة غير مسبوقة حتى إنهم عند وفاتها –كما تقول المجلة- في عام 1975 نزلوا بالملايين إلى شوارع القاهرة حزنًا لرحيلها، مؤكدة أنه بينما لا يمكن أن يحصى تأثيرها بين المطربين العرب، فقد امتد إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث اعتبرها الملحن والمغنى الأمريكي ديلان عظيمة..
واستخدمت المغنية الأمريكية بيونسيه بشكل بارز أغنية أنت عمرى في تصميمها لجولتها عام 2016، وامتدحها مغنى الروك روبرت بلانت قائلا “عندما سمعت أم كلثوم لأول مرة كيف كانت ترقص عبر الميزان لتهبط على نغمة جميلة لم أستطع حتى تخيل غنائها، فقد كانت عظيمة، وتمكنت من إضافة الكثير”..
هكذا هي كوكب الشرق والغرب.. عاشت للخلود وتركت تراثًا فنيًا وإنسانيًا لا ينسى؛ كما تركت تأثيرًا كبيرًا في وجدان العرب من المحيط إلى الخليج.. أما عن تأثيرها السياسي فذلك ما تضن به هذه المساحة وقد نعود إليها في مناسبة أخرى.