رحيل بيليه وعودة دا سيلفا ومترو الأنفاق!
جذبت البرازيل أنظار العالم الأيام الماضية.. من كأس العالم إلى الشأن الداخلي.. لم تنجح البروبجندا الغربية والأمريكية في استمرار شغل العالم بالحرب الروسية الأوكرانية أمام حدثين جذبا كالنور فراشات الإعلام، والمصادفة أن كليهما يصطبخ بالصبغة اليسارية التي يحاول الغرب إطفاء جذوتها في روسيا والصين وكوريا الشمالية.
أقصد وفاة بيليه ساحر كرة القدم وملكها المتوج على عرشها منذ عقود ولم ينازعه أحد ممن جاءوا بعده.. والحادث الثانى تولى لولا دا سيلفا رئيسا للبرازيل للمرة الثالثة بعد نجاحه في الدورتين الأولى والثانية من اخراج بلاده من دائرة الفقر، ثم يدخل بعدها السجن بتهمة تلقى رشاوى ثم يخرج من وراء القضبان ليفوز بمنصب الرئاسة.
جمع الفقر بين بيليه ودا سيلفا.. وكان محل الميلاد أفقر بقاع البرازيل وإن اختلف تاريخ الميلاد.. كان طريقهما مزروعا بالاشواك حتى استطاعا بعد سنوات طويلة من الكفاح من تغيير محل الإقامة إلى عنوان جديد هو عالم الشهرة والاحترام والتقدير ليس على المستوى المحلى فحسب ولكن على المستوى العالم.
بيليه الذى استأذن في الرحيل
فهو الساحر الذي أذهل العالم لأجيال متعددة وقال عنه بوبي تشارلتون إن كرة القدم ربما اخترعت من أجله، ويعتبره معظم المعلقين أفضل تجسيد لـ اللعبة الجميلة.. استأذن في الرحيل عن 82 عامًا بعد صراع طويل مع مرض السرطان.. لن أتحدث عن موهبته الرياضية لكن أتحدث عن تحوله لبطل وطنى في موطنه، ورمزا رياضيا عالميا. في داخل وخارج الملعب..
قام بحملات بلا كلل للدفاع عن القيم الإنسانية ولتحسين ظروف أكثر الناس حرمانا في المجتمع للدرجة التي جعلته في 2021 يعرض بعض مقتنياته للبيع في مزاد عالمى بلندن للمساهمة في انقاذ بلاده من آثار كورونا الاقتصادية، ودعا الأصدقاء لمشاركته في هذا الهدف.. هو الذى تم تسميته على إسم المخترع توماس إديسون مكتشف الكهرباء في البداية لأن الكهرباء وصلت إلى منزل الأسرة قبل مولده بقليل وأخيرا باضاءة الطريق لمن اتخذه قدوة..
نشأ في حى فقير وعمل صبيا في مقهى للمساهمة في زيادة دخل أسرته الفقيرة وعلمه والده لعب كرة القدم، ولعدم القدرة على شراء كرة له صنعوا له “الكرة الشراب” التي نعرفها جميعا.. وبدأت رحلته مع الكرة باللعب لعدد من فرق الهواة المحلية عندما كان في سن المراهقة حتى أخذه مدربه فالديمار دي بريتو عام 1956 ليختبره فريق سانتوس المحترف ليبدأ رحلته مع الشهرة وحتى وصل للقمة ليكون في كأس العالم وهو إبن 16 عاما..
من الفقر إلى عالم الأثرياء.. من الحوارى والأزقة إلى حياة القصور.. لكنه لم ينس أبدا الفقراء والإنسانية فكان سفيرهم ونصيرهم والمدافع عنهم وللدرجة التي رفض فيها المهاجم المجري بوشكاش حتى تصنيف بيليه على أنه مجرد لاعب. فقال: كان بيليه فوق ذلك.. ولخص نيلسون مانديلا بيليه بقوله: مشاهدته وهو يلعب هي مشاهدة فرحة طفل ممزوجة بالنعمة غير العادية لرجل.
ماسح الأحذية الذى أصبح زعيما
والقامة البرازيليه الثانية التي جذبت أنظار العالم هو الرجل الذي نشأ في أسرة فقيرة متواضعة وعمل في طفولته ماسح أحذية وعامل حدادة فهو إبن فلاح برازيلى وأمه خياطة ثم التحق بأحد المصانع وانضم للجنة النقابية حتى أصبح يلقب بالسياسي الأكثر شعبية، عاد ليدهش العالم مرة أخرى.. هو المرشح اليساري البالغ من العمر 77 عاما لولا دا سيلفا الذى انتخب رئيسا للبرازيل للمرة الثالثة.
بعد أقل من ثلاث سنوات على إطلاق سراح دا سيلفا من السجن بتهمة الفساد، لم يصدق الشعب الاتهام فجاءوا به من وراء القضبان إلى قصر الحكم لسابق معرفتهم به من قبل فقد نجح دا سيلفا في نقل 33 مليونا من تحت خط الفقر إلى الطبقة الوسطى، وهذا هو السر في التصويت له في الانتخابات الرئاسية التي أوصلته للحكم هذه المرة.
نجح دا سيلفا في انتشال شعبه من الفقر من خلال سياساته التي نجحت بشكل كبير فى الحد من الفقر وعدم المساواة. وفيما بين عامى 2003 و2009، نجحت سياسات الدولة فى المساعدة على تجاوز21 مليون شخص خط الفقر وانخفض معدل الفقر من 35.8 إلى 21.4 %.
وكان ذلك من وراء 3 مشروعات هي:
منح الأسر أى مساعدة مالية في مقابل إبقاء أطفالهم فى المدارس وتطعيمهم، وحضور زيارات الرعاية الصحية الوقائية.. وإصلاح التعليم كمًّا وكيفا وزيادة الإنفاق العام على التعليم من 2.7 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى فى عام 1980 إلى 4.5 فى المائة مع تركيز معظم الزيادات فى الإنفاق على التعليم الابتدائى وأدت زيادة وتحسين نوعية التعليم إلى تحسين مهارات العمل ومن ثم زيادة الدخل.
وأخيرا زيادة الحد الأدنى للأجور بتعديله سنويا على أساس معدل التضخم العام ومعدل نمو الناتج المحلى الإجمالى وتم ربطه بقيمة التأمينات الاجتماعية مثل المعاشات وإعانات البطالة، و كانت النتيجة أن انخفض عدد العمال الذين كانوا تحت خط الفقر من 23 فى المائة فى عام 1999 إلى 14 فى المائة فى عام 2006.. لينقل في النهاية أكثر من 33 مليون مواطن من طبقة الفقراء إلى الطبقة المتوسطة
مترو الانفاق والجامعات الخاصة
لا اعرف السبب المنطقى وراء رفض إدارة مترو الانفاق وسائر وسائل النقل الحكومى مساوة أولادنا في الجامعات والمعاهد والمدارس الخاصة باقرانهم في الجامعات والمدارس الحكومية في الاشتراكات الشهرية المخفضة للطلاب.
إذا كان الرفض يعتمد على إعتبار ان هذه الجامعات والمعاهد والمدارس الخاصه ب فلوس، مما يعنى القدرة المالية لاسرهم وعدم احتياجهم للدعم الحكومى من جهة، وليس مهما أن يتحمل أولياء امورهم المزيد من المصاريف في وسائل المواصلات من جهة ثانية.. فالأـمر مردود عليه في عدة نقاط:
أولا: ان هذه التفرقة تخالف المساوة التي يكفلها الدستور لكافة المواطنين، وأنا شخصيا أعرف العديد من الأسر اضطرت للاستدانة والحصول على قروض لإلحاق ابنائهم في الجامعات الخاصة وتوفير مثل هذه الاشتراكات قد يخفف بعض العبء على الأسرة التى تحملت تكاليف الجامعة، نظرا لعدم قبول أبنائهم فى الجامعات والمعاهد الحكومية.
ثانيا: هل يعرف هؤلاء المسؤلون ان المصاريف في بعض الأقسام في بعض الكليات الحكومية تفوق بعشرات المرات مصاريف الجامعات الخاصة ومع ذلك لهم الحق في استخراج هذه الاشتراكات المدعمة، وبالقياس لماذا نعطى مزايا للعاملين بالمترو واولادهم واسرهم في اشتراكات وشبابيك ومنافذ خاصة بهم وحدهم.. ألم يحصل الأباء على اجرهم نظير عملهم وقد يفوق اقرانهم في الوظائف الحكومية الأخرى؟
الامر متروك للقيادة السياسية ووزير النقل الفريق كامل الوزير، ورئيس هيئة مترو الأنفاق لتحقيق العدل بين ابنائنا.
yousrielsaid@yahoo.com