نِعَم الله التي أجاد بها علينا
ونحن نستقبل العام الجديد، نشكر الله أنه أتى بنا إلى هذه الساعة، ونطلب منه أن يكون معنا في هذا العام الجديد، كما كان معنا في العام السابق، وأن يجعله عامًا مباركًا، مليئًا بالسلام والخير والتقدم، على بلدنا العزيزة مصر، قيادةً وشعبًا، وعلى كنيستنا المقدسة، وعلى العالم أجمع.
أما عن رسالتنا الرعوية في هذا العام، فهى عن نِعَم الله، التي أجاد بها علينا، في العام الماضى. وفى مقدمة نِعمه، أنه أنعم علينا بنعمة الوجود، وفى خلقه لنا، خلقنا على صورته ومثاله، ولذا قال الكتاب المقدس، في هذا الجانب: (خلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه، ذكرًا وأنثى خلقهم) (تك 1: 27).
ولا يفوتنا أن نشير، أن الرب أنعم علينا، بنعمة الصحة والحياة حتى الآن. وخاصةً إننا في عصر يتسم بكثرة الأمراض والأوبئة. وكوننا بصحة وحياة حتى الآن، فهذه نعمة من نِعَم الله علينا، لذلك يجب أن نشكره عليها، وأن نحيا معه بالعمل والحق، وليس بالأقوال والمظاهر فقط.
من جانب آخر، أنعم علينا، بكل احتياجاتنا في حياتنا الأرضية.من مأكل ومشرب وملبس, ومسكن وتعليم وعلاج. ومن نِعَم الله, التي أنعم بها على أجدادنا، منذ القدم بأنه أنعم علينا بإيماننا المسيحى الأرثوذكسى..
غفران الخطايا
ونحن نقول إن إيماننا المسيحى الأرثوذكسى نعمة، ولنا حق في هذا، لأن هذا بالفعل والحق ويرجع الفضل لإيماننا المسيحي والذى نؤمن به ونعيشه، كما أن استمرارنا في حياة التقوى والمسيحية الحقيقية، يرجع لأرثوذكسية حياتنا، القائمة على الإيمان والعقيدة الأرثوذكسية الصحيحة، والسلوك والعمل الصالح. وكل هذه نِعَم روحية من الله، يمتد تأثيرها إلى خلاص أنفسنا، وميراثنا الأبدي في ملكوت السماوات.
وبالرغم من نِعَم الله الروحية، التي أعطاها لنا، ولا يزال يعطيها لنا، إلا إننا لسنا معصومين من الخطأ, والسقوط في الخطيئة. ومن هنا أنعم علينا الرب, بسر التوبة والاعتراف، وذلك لغفران خطايانا، ومحوها وعدم ذكرها.
وكما أمر الرب بالتوبة عن الخطايا لغفرانها ومحوها، أمر كذلك بالإقرار والاعتراف بها, في وجود حامل سر الكهنوت، مؤكدًا على ذلك, القديس يعقوب الرسول في رسالته: (اعترفوا بعضكم لبعضٍ، بالزلات) ( يع 5: 16 ).
فيجب علينا, أن نتمسك بوعده الإلهي الصادق، تجاه غفران خطايانا، فلا يجب أن نضيع هذه الفرصة، بل نقبل إليه لننال من جوده ومراحمه الكثيرة, غفران لخطايانا, وعدم ذكرها مرة أخرى، بل محوها إلى الأبد. لنرتل له, على عطية غفران خطايانا, مع داود النبى قائلين: (باركى يا نفسى الرب، ولا تنسى كل حسناته. الذي يغفر جميع ذنوبك) (مز 103: 2، 3).
فخاخ إبليس
بلا شك، الشيطان لا يريد توبة الإنسان ورجوعه إلى الله، لذلك إذا أقدم على التوبة والرجوع عن الخطية، يفكر له في كيفية إسقاطه في الخطية, ورجوعه إليها بدلًا من الله, وحياة التوبة والبر.
ومن هنا يجود الله, بنعمته على الإنسان، وذلك في نجاته من حيل وفخاخ, إبليس وأعوانه.لأن الله لا يترك الإنسان بمفرده, تجاه حيل وفخاخ إبليس وأعوانه، بل يعمل على نجاته وحفظه، وذلك ليساعده في حياته الروحية الجديدة، ليقوى إرادته ويمكنه من العمل الروحى، للتغلب والنصرة على حيل وفخاخ إبليس وأعوانه.
فلا يجب أن نخاف من هذه الحروب وغيرها، لأن الله معنا، ويعلمنا كيفية الغلبة والنصرة على إبليس وأعوانه. ولنرتل مع داود النبى قائلين: (ما أعظم جودك، الذي ذخرته لخائفيك، وفعلته للمتكلين عليك) (مز 31: 19).
نعمة عطية الخدمة، والنجاح فيها
بلا شك نحن كخدام، مدعوون لخدمة الله، ونحن غير مستحقين، كما يقول القديس غريغوريوس- الناطق بالإلهيات، في القداس الإلهى. إلا إن نعمة الخدمة، بغض النظر عن الدرجات والرتب التي فيها، هي نعمة معطاة من الله للإنسان.
ومن جانب آخر، يجب أن نتأكد أن الفاعلية في الخدمة ونجاحها، لا تتوقف على خادم بمفرده، مهما كانت إمكانياته، بل أيضًا لا يمكن تجاهل دور الخدام الآخرين, في الخدمة ونجاحها، كما قال بولس الرسول على نفسه وعن أبلوس: (أنا غرست، وأبلوس سقى، لكن الله كان ينمى.. فإننا نحن عاملان مع الله، وأنتم فلاحة الله، بناء الله) ( 1 كو 3: 6، 9 ).
مشاكل الخدمة، وكيفية علاجها
بلا شك كما أن لله دورًا في الفاعلية في الخدمة ونجاحها، كذلك له دور كبير في كيفية علاج المشاكل وحلولها؟! ومع ذلك يستخدم ضعفنا في الوقاية من حدوث المشاكل، والمشاركة في علاجها وحلولها ومن ذلك تتكون لنا الخبرة. إذًا فلا نخف من مشاكل الخدمة، بل نلجأ لله بالإيمان، والصلاة والصوم، وهو يساعدنا في حلولها بأساليب وطرق عديدة.
ننتقل إلى نعمة نجاح الأعمال الخاصة، والتقدم في مهام المسؤوليات والقيادة. فيجب على الإنسان المسؤول أن يختار مساعديه بدقة, ويعملوا معًا بروح الفريق، ويتأكدوا أن نعمة الله سوف تساعدهم في نجاح مسؤولياتهم، مادامت أهدافهم مخلصة وبناءة.
ننتقل إلى نِعَم من نوع آخر، وهى نعمة الستر، والإعانة والحفظ، وكذلك نعمة القبول والشفقة والتعضيد. ويجب أن نتعلم من الله، كما ستر علينا، وأعاننا وحفظنا في كل أوقاتنا وظروفنا، يجب أن نستر ونعين، ونحافظ على الآخرين وأسرارهم.
ولا يفوتنا أن نشير إلى نعمة البركة والسلام والهدوء والطمأنينة والتقدم التي أنعم بها الرب علينا في هذا العام. ولأجل كل هذه النعم وغيرها نشكر الله من أعماق قلوبنا، ولنرتل له مع داود النبى قائلين: (كللت السنة بجودك، وآثارك تقطر دسمًا) (مز 65: 11).
وأخيرا نطلب من الله، الذى أنعم علينا بنِعَم كثيرة في السنة الماضية، بأن ينعم علينا في هذه السنة الجديدة من خيراته التي لا تُحصَى، وعلى بلادنا العزيزة مصر، قيادةً وشعبًا، وعلى العالم أجمع.
وكل عام وأنتم جميعًا بخير، ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.