الجلباب الصعيدي، تختلف الطرق والأصل واحد (صور)
في حارة ضيقة مغلقة تعلوها التلال الهضبية، تجد باب دكان خشبي صغير، به عجوز متكئ على منضدة خشبية قديمة، وأمامه ماكينة خياطة بدائية، مروحة معلقة في السقف، جدران متهالكة تحيط به معلق عليها دولابا خشبيا يحمل أدوات وأشياء قديمة، وصديري معلق، ممسكا في يده سبحة، يحدق بنظرته في المارة من الزائرين القادمين إلى سوق القيسارية في إسنا بالاقصر من خلال شباك خشبي يسنده بعصا جريد.
“فيتو” تسرد معكم قصص وحكايات من زمن الذكريات القديمة لأقدم خياط جلباب رجالي وصديري بمنطقة السوق القديم.
يقول الحاج سيد الاسناوى، أقدم خياط في إسنا: كثير من الناس بدأوا يتجهون إلى الجلباب الحديث، ولا يأتي إلي إلا الذين يهوون خياطة الجلباب الصعيدي القديم والصديري.
واضاف: يأتي الشاب إلي وهو يريد صناعة جلباب بطريقة معينة وهذا الأمر صعب علي فنحن تربينا على طريقة خياطة وتصميم قديم لا يمكننا تغييره، والحديث ليس لي شأن به ولذا ارفض العديد من الذين يأتون إلى خياطة جلباب بطريقتهم فنحن جيل تربي على الخياطة للجلباب بطريقة اللياقة والجيوب الداخلية.
وتابع الاسناوي أن الأقمشة اختلفت كثيرا عن ذي قبل، فقد كان قماش الصوف في فصل الشتاء هو النوع المفضل الذي تقبل عليه كبار العائلات وكان لدي زبائن يأتون من مختلف قرى ومراكز الصعيد فقد كان لدي زبائن من قنا وسوهاج والأقصر.
وأشار إلى أن الأنواع الحديثة من القماش وحتى الألوان اختلفت كثيرا عن قبل ذلك، ولفت إلى أن الكثير من المحال التي كانت تبيع القماش أغلقت. وهنا في سوق القيسارية نجد عدد من التجار لا يزالون يحتفظون ببيع تلك الأنواع من الأقمشة.
ونوه إلى أن أشكال خياطة الجلباب تختلف من مكان إلى آخر وليس كل الصعيد يرتدي شكلا واحدا ولكنهم جميعا يرتدون الجلباب الصعيدي فهناك ما هو بدون لياقة وهناك اللياقة، وهناك الواسع وهناك الضيق كلا بحسب طلب الزبون وبحسب ما هو سائد لديهم في المكان الذي يعيش به.
ولفت إلى أن أغلب الصعيد يميل إلى الجلباب الواسع الذي يرتدي تحته الصيديري والكلسون ويضعون العمامة والشال الصوف على الكتف للشعور بالتدفئة.
ولفت إلى أن الأسعار حاليا اختلفت كثيرا عن ذي قبل، خاصة في الأدوات التي كنا ولا زالنا نستخدمه هنا، منها الأبر والخيوط وحتي زيوت الماكينة التي نقوم بتغييرها على الماكينة.
وأشار إلى أن الجلباب كان ولا يزال هو سيد الملابس هنا في الصعيد ولا يمكن الاستغناء عنه فهنا كنا نرى كبار القوم وحتى رؤساء وملوك يرتدون الجلباب لقيمته الكبيرة لدى أهالي الصعيد.