مصر بين قمتين!
مصر تسابق الزمن لتجاوز الأزمات العالمية من حروب وأوبئة وركود اقتصادي.. ولا عجب والحال هكذا أن تشارك تارة في قمة عربية مع الصين في الرياض ثم تشارك بعدها في قمة أفريقية مع أمريكا في واشنطن.. فليس هناك تعارض بين التقارب المصري تارة مع أمريكا وتارة أخرى مع الصين؛ ذلك أن ما يحكم هذا التقارب هو مدى المكاسب المتحققة من الجانبين.
ثمة مكاسب سياسية واقتصادية عديدة حققتها مصر بمشاركتها في القمة الأفريقية الأمريكية التي عقدت بواشنطن الأسبوع الماضي، وهي قمة تؤسس لمرحلة جديدة في مستقبل العلاقات مع القطب الأمريكي الذي لا يزال يتربع على قمة العالم كقوة وحيدة تملك أقوى اقتصاد وأعتى ترسانة تسليح وأقوى الجيوش رغم مزاحمة الصين والدب والروسي لها.
توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا
التقارب الأمريكي الأفريقي؛ يضيف للقارة الأفريقية، ويحقق منافع مشتركة للطرفين في ظل ظروف وتحديات صعبة واضطرابات يمر بها العالم، بعضها تسببت فيه جوائح كبرى استنزفت اقتصاديات دول كثيرة بينها مصر بالطبع التي سجلت قبل كورونا أرقام نمو اقتصادي مرتفعة وفائضًا أوليًا؛ وحقق ناتجها المحلي الإجمالي الحقيقي نموًا بنسبة 4.3% سنويا، أعلى من متوسط النمو الإفريقي الذي بلغ 3.8%، وخلال الفترة من (2015 - 2019)..
وقبل أن تضرب جائحة كوفيد 19 الاقتصاد العالمي، تفوق أداء الاقتصاد المصري، وكان يعد الاقتصاد الأسرع نموًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفي عام 2020، واصل اقتصادنا نموه بنسبة 3.6% على الرغم من الظروف العالمية الصعبة؛ حيث عانى الشرق الأوسط من انكماش بنسبة 4%..
كما عانت إفريقيا من انكماش بنسبة 1.9%؛ مثل هذا الأداء كان نتاجًا لتطبيق مصر برنامجًا وطنيًا للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، أشادت به منظمات اقتصادية دولية، مؤكدة نجاح مصر وتميز تجربتها بحسبانها من الدول القليلة نجحت في الحفاظ على تلك المعدلات رغم الظروف الاقتصادية الضاغطة والقاسية التي ألقت بظلال ضبابية، وأثرت سلبًا على سلاسل الإمداد العالمية، لاسيما فيما يخص الطاقة والغذاء.
إن مصر تعد ثالث أكبر اقتصاد في إفريقيا من حيث الناتج المحلي الإجمالي بعد نيجيريا وجنوب إفريقيا؛ حيث تسهم بنسبة 12.5% من إجمالي الناتج المحلي لقارة أفريقيا.. وهو رقم على ضخامته لا يزال دون طموح الدولة المصرية التي تسابق الزمن لتوطين الصناعة ونقل التكنولوجيا ومضاعفة الرقعة الزراعية وقيادة قارتها ومنطقتها على طريق التحول الأخضر.
سياسيًا تتبنى مصر نهجًا منفتحًا على دول العالم كافة، تحقيقًا لمصالحها القومية التي لا تتجاوز حدودها الجغرافيا المباشرة لتشمل كل ما من شأنه أن يؤثر عليها اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا عبر دوائر عديدة تبدأ بعمقها الإقليمي عربيًا وأفريقيا ثم تتنامى لتشمل البعد الدولي الذي لا يخفى تأثيره القوى على مجريات الأحداث في دول العالم أجمع.