حصاد الشراكة المصرية الصينية
شراكة العرب والصين ليست وليدة اليوم لكنها عميقة الجذور؛ فالعرب أصحاب حضارة قديمة وكذلك الصين، ومن الطبيعي أن تجمعهما روابط تاريخية اقتصادية واجتماعية؛ فثمة تبادل تجاري بين الجانبين ضارب بجذوره في التاريخ؛ وعن طريق التجار المسلمين عرف الإسلام طريقه إلى الصين.. ومن يومها لم تتوقف إسهامات الصين التنموية في وطننا العربي حتى وصلنا للعصرالحديث.
ويعرف كل متابع للشأن الاقتصادي أن مصر تفتح أبوابها أمام الاستثمارات الصينية، التى تزايدت بشكل كبير، خلال السنوات العشر الماضية؛ ففي عام 2017 أصبحت الصين سادس أكبر مستثمر فى مصر، إذ يعمل بها أكثر من 140 شركة صينية؛ 55% منها يركز على المشروعات الصناعية، و20% على البناء، و12% على الخدمات.. وهناك استثمارات قدرها 28.5 مليار دولار في المنطقة العربية، وفرت نحو 24 ألف فرصة عمل، وكانت مصر المستفيد الأكبر منها.
الشراكة الصينية مع مصر جعلت الأخيرة ثالث أكبر منتج للألياف الزجاجية فى العالم بمنطقة السويس كنتيجة للتعاون الاقتصادي والتجارى بين الجانبين ؛ ذلك أن البلدين الصديقين يركزان على التعاون فى الصناعات الاستراتيجية، مثل الذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا الفضاء، والتجارة الإلكترونية.
توثيق الشراكة العربية الصينية
ولاتزال الصين من خلال شركاتها وآلياتها الاقتصادية المختلفة تواصل تعزيز بناء الدولة المصرية الحديثة؛ إذ إن مشاريع البنية التحتية العديدة ذات الأولوية تنفذها شركات صينية وتشهد تقدما ملحوظًا، ومن بينها على سبيل المثال مشروع السكك الحديدية بمدينة العاشر من رمضان، بجانب خطوط شبكات الكهرباء الوطنية، ومشروع مركز تجميع وتكامل واختبار الأقمار الصناعية، والعاصمة الإدارية الجديدة وغيرها من المشروعات الواعدة.
ما يشهده عالمنا من متغيرات دولية وأزمات عالمية متعاقبة تلقي بتحديات بالغة الخطورة وتحديات جسام، يرتفع بأهمية استدعاء جميع قدرات التعاون الكامنة بين الأصدقاء والأشقاء، لاسيما إذا كانت قائمة على أسس صلبة للتفاهم والتنسيق كتلك القائمة بين العالم العربي والصين والذين تكتسب قمتهما رمزية وأهمية خاصة في مثل هذا التوقيت الدقيق الذي يقتضي ضرورة التعاون وتعزيز الشراكة بينهما لأبعد مدى.
ولا بد أن نتنبه لما قاله الرئيس السيسي خلال القمة العربية الصيينة بالرياض بأن من أخطر ما يواجهه العالم -وبخاصة الدول النامية- اليوم، هو أزمة الغذاء وتبعاتها، وهو ما يدفعنا لتوثيق الشراكة العربية الصينية في مواجهة هذا التحدي..
عبر تعزيز أطر التعاون متعدد الأطراف لتطوير الاستجابة الدولية السريعة والفعالة لحاجات الدول النامية، والتعاون في إطار التعاون جنوب جنوب لتطوير الزراعة والصناعات الغذائية، ونقل وتوطين التكنولوجيا وبناء القدرات وتحسين البنية التحتية في المناطق الريفية، ونقل تكنولوجيا الزراعة ونظم الري الحديثة المستدامة..
ظني أننا في حاجة لكل شراكة مثمرة تنشيء مشروعات إنتاجية توفر فرص عمل لشبابنا وغذاءً لشعبنا يحد من قسوة التضخم والغلاء الذي بات أزمة عالمية تستلزم تعاون الإنسانية كلها لاحتواء التداعيات المريرة للجائحة والأزمة الأوكرانية التي زادت معاناة البشرية وآلام الفقراء حول العالم لاسيما في هذا الشتاء شديد القسوة.. التعاون لتجاوز المحن هو فريضة على كل ذي ضمير وكل ذي عقل.. فالمصير الإنساني مشترك ولا سبيل للنجاة إلا بالتعاون وتحقيق مصالح الشعوب.