الحزام والطريق.. شراكة متجددة واعدة
العلاقات الدولية لا تحكمها العواطف ولا تبنيها الأماني، لكنها من مرتكزات أساسية تبتغي تحقيق مصالح الشعوب وتطلعاتها في مستقبل أفضل يوفر لها حياة كريمة تضمن استقرار الأوطان وتنمية مواردها وحمايتها من التحديات والمخاطر.
العرب أصحاب حضارة عريقة سادت العالم وتسيدت لأكثر من 8 قرون.. وعلى هداها استفاقت حضارة الغرب واستعادت رشدها وعنفوانها بعد قرون من الظلام والتردي.. وفي المقابل فإن حضارة الصين واحدة من أقدم حضارات العالم مع الحضارة المصرية القديمة والحضارة اليونانية..
ولا عجب والحال هكذا أن تتلاقي مصالح دولنا العربية مع مصالح الصين الكبرى.. فكلا الطرفين يحتاج إلى الآخر في ظل عالم منكوب بالصراعات والحروب والتقلبات والأوبئة والغلاء والتضخم غير المسبوق.
التوحد والتعاون الإنساني مطلوب بشدة في هذه اللحظة الحرجة من عمر البشرية.. وهو ما يفسر لماذا اجتمع قادة وملوك الدول العربية مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في قمة تاريخية في الرياض، تعد إضافة قوية للعلاقات العربية الصينية ليست نتاج عهد قريب لكنها عميقة الجذور قوية الأركان..
مبادرة الحزام والطريق
تستند العلاقات العربية الصينية إلى روابط تاريخية قديمة ومصالح مشتركة حاضرة ترتكز إلى التفاهم والتعاون والتقارب والثقة السياسية المتبادلة، حتى إن معظم الدول العربية وقعت منفردة اتفاقيات تعاون ثنائية مع الصين، كما وقعت معها مجتمعة اتفاقيات أخرى، كما الجامعة العربية بيت العرب يجمعها بالصين اتفاقيات وحوار استراتيجي في مجالات عديدة..
وهو ما سهل انضمام وتأييد دولنا العربية لمعظم مبادرات الصين الإقليمية والدولية، وعلى رأسها مبادرة الحزام والطريق التي قال عنها الرئيس السيسي خلال القمة العربية الصينية بالرياض إننا جميعًا لن ندخر جهدًا من أجل تعزيز ودعم الشراكات القائمة بيننا، وعلى رأسها الشراكة في إطار مبادرات الحزام والطريق، والتنمية الدولية، وما تحمله من فرص لتعميق العلاقات العربية الصينية، وزيادة فرص الاستثمار في مختلف المجالات.
وليست مبادرة الحزام والطريق شيئًا جديدًا لكنها في حقيقتها إحياء لفكرة طريق الحرير القديم، الذي كان يربط الصين بالعالم الخارجي قبل ألفي عام، وهي تعني الآن استراتيجية إنمائية اقترحتها الصين بهدف الربط الدولي عبر إنشاء شبكة تجارية تتمحور حول الصين وتربطها بأوروبا ووسط آسيا والشرق الأوسط، وتهدف لإقامة مشروعات عملاقة كالسكك الحديدية، والطرق، والموانئ البحرية في البنية التحتية والإنتاجية..
ومن يدقق في مؤشرات التبادل التجاري بين العرب والصين يدرك بوضوح أنها في تنامٍ مستمر؛ ذلك أن المصالح المتبادلة بين الجانبين تتعمق باستمرار؛ حيث قفز الميزان التجاري بين الجانبين من 36.7 مليار دولار في 2004 إلى 330 مليار دولار نهاية 2021 بزيادة قدرها 37%.
علمًا بأن العرب ظلوا شركاء رئيسيين للصين في مجال الطاقة (نفط وغاز)، حيث يمدون الصين بـأكثر من 50% منِ حاجتها من النفط والغاز المستورد من الخارج؛ وهو ما أظهرته بجلاء الأزمة الروسية الأوكرانية التي أكدت من جديد القيمة الاستراتيجية الحالية والمستقبلية للعلاقات العربية الصينية في قطاع الطاقة.