المغرب.. أرض الأولياء والصالحين ( 2 )
استعرضنا في المقال السابق تاريخ التصوف، وسير بعض كبار الأولياء والصالحين المغاربة الذين استوطنوا مصر؛ هربًا من الاضطهاد الديني. وهنا نلقي الضوء على عدد من أشهر الأولياء والصالحين الذين عاشوا في المغرب، ولم يغادروها:
علي بن حمدوش
يعتبر على بن حمدوش من كبار الأولياء بالمغرب، وتوجد زاويته ومدفنه ببني راشد بين جبال زرهون، قرب مدينة مكناس عاش في القرن السابع عشر، وتحديدا في عهد السلطان إسماعيل المعاصر لـ"لويس الرابع عشر".
والزيارة لمقام هذا الشيخ لا تكتمل إلاّ بالمرور عبر أربعة مراحل، حسب المريدين هناك، أولاها أخذ الطبق إلى ضريح أحمد الدغوغي الذي يبعد عن قبة علي الشريف بحوالي من 5 إلى 6 كيلو مترات، ثم تأتي مرحلة النزول إلى الحفرة لأخذ البركة، حيث يتواجد هناك المريدون بالآلاف، ويقدمون القرابين والهدايا، وإشعال الشموع، وبعدها زيارة قبة سيدي علي بن حمدوش، التي يوجد بداخلها مقام وضريح الشيخ.
عبد الرحمن المغربي
هو الملقب بـ “مول المجمر”، والذي يقع في أعلى مرتفع صخري، في شكل شبه جزيرة يقطعها البحر عن اليابسة عند المد، وبحكم تواجده عند الضاحية الجنوبية للدار البيضاء، كبرى المدن المغربية، لا ينقطع إقبال الوفود عليه على امتداد الأيام والفصول..
وكما لكل ضريح أو سيّد، كما يطلق عليه المغاربة، طقوسه، فإن سيدي عبدالرحمن يتميز هو الآخر بطقس "التفوسيخ باللدون"، أي إبطال مفعول السحر..
إدريس الأكبر
في القرن الثامن عشر ظهر اسم زاوية مولاي إدريس، وقد بنيت أول قبة على قبر المولى إدريس عام 1080 هجرية 1660 م على يد نقيب الأشراف فى ذلك الوقت عبد القادر بن عبو، ثم لما اعتلى المولى إسماعيل العرش المغربي أصدر أوامره ببناء ضريح يليق بعظمة دفينه المولى إدريس، عام 1110 هجرية1699م، فجاء تحفة معمارية تشمل جميع المرافق الضرورية..
كما تم تشييد قبة فوق قبر المولى راشد، وقد حُفّ الضريح بالمنشآت اللازمة للحياة الحضرية، وتسهيل الزيارة والعبادة في هذا الضريح الأنور، وهكذا قدم حفدة المولى إدريس من مكناس واستوطنوا حول ضريح جدهم، ثم بدأت المدينة تنمو وتتنظم، وتكاثر الوافدون عليها من مناطق شتى لمجاورة الضريح وللتعبد فيه، وكذلك للاستثمار في المدينة وفي نواحيها، بفضل استتباب الأمن بالمنطقة لقربها من العاصمة مكناس آنذاك، وكذلك بفضل الزيارات المتعددة لرجال الدولة.