شهاب الدين محمود الآلوسي، أشهر أعلام القرن التاسع عشر في الفقه والتفسير والشعر
في مثل هذا اليوم من عام 1803، ولد شهاب الدين محمود الآلوسي، المفسر والمحدث والفقيه والأديب والشاعر العراقي وأحد أهم أعلام القرن التاسع عشر في الفقه والتفسير والشعر.
نسب الآلوسي وسيرته
يعود نسب شهاب الدين محمود الآلوسي إلى الإمام جعفر الصادق وينتهي بالإمام علي بن أبي طالب، ولد في مدينة آلوس وهي جزيرة في وسط نهر الفرات في محافظة الأنبار، حيث فر إليها جد هذه الأسرة من وجه هولاكو التتري عندما دهم بغداد فنسب إليها.
تقلد شهاب الدين محمود الآلوسي منصب الإفتاء في بلده عام 1248هـ، بموجب الفرمان السلطاني العثماني، وكان منصب الإفتاء في العهد العثماني يوجه في العراق إلى أحد علماء بغداد، وذاعت شهرته وقصده طلاب العلم من أماكن بعيدة يأخذون عنه وظل وهو في منصب الإفتاء يشتغل في التأليف وتدريس العلوم وقضاء حاجات الناس.
بعد فترة ساءت علاقة شهاب الدين محمود الآلوسي بالحاكم الذي تصور أنه يقود فتنة ضده بسبب تصديه للقول في بعض القضايا التي تهم الناس، فعزله بعد ذلك فانقطع للعلم وتصدر للتدريس في مدرسة الحاج أمين جلبي، ودرس في المدرسة العمرية ومدرسة الحاج نعمان الباجة جي في محلة عمّار سبع أبكار.
التدريس بالمدرستين القادرية والمرجانية
تولى شهاب الدين محمود الآلوسي أيضا صدارة التدريس في المدرسة القادرية والمدرسة المرجانية وقد قصد إليه العلماء والفقهاء من سائر أقطار المعمورة، وكان له مجلس حافل برواد العلم والمعرفة.
كان يقصد مجلس شهاب الدين محمود الآلوسي الشيخ عبد الباقي العمري، والشاعر عبد الغفار الأخرس، والخطاط أحمد أفندي القايمقجي، وقد حفظت أخبار هذا المجلس في كتاب حديقة الورود للشيخ عبد الفتاح الشواف.
ترك شهاب الدين محمود الآلوسي الأثر الكبير في إنعاش الحركة العلمية بغداد في عصره، وسافر إلى الموصل وإسطنبول، ومر بماردين وسيواس كما ذهب إلى الباب العالي فأكرمه السلطان عبد المجيد، ثم عاد إلى بغداد يدون رحلاته ويكمل ما كان قد بدأ به من مصنفاته.
وكان خطاطًا بارعًا دون وخط معظم كتبه بخطه الجميل وقد أخذ إجازة الخط من الخطاط سفيان الوهبي أحد أشهر الخطاطين في بغداد.
عقيدة الآلوسي ومذهبه
كان سلفي العقيدة، وشافعي المذهب، وقد أثبت صفة العلو لله تعالى في تفسيره، كما كان شهاب الدين محمود الآلوسي في آخر حياته يميل إلى الاجتهاد أو الأخذ بما قام الدليل عليه عنده.
وقد بين شهاب الدين محمود الآلوسي ذلك في تآليفهِ، وصرح بذلك ابنه نعمان الآلوسي، وحفيده محمود شكري الآلوسي، والمؤرخ العراقي محمد بهجة الأثري في تراجمهم له.
كما عمل أبو الثناء مدرسًا في المدرسة القمرية ومسجدها ثم في المدرسة العمرية، وبعدها في مسجد السيدة نفيسة ثم مسجد آل عطا وبعد ذلك في مسجد الحنان، وقد بقي أبو الثناء مدرس في مدرسة الحاج أمين إلى أن حدث الطاعون، وبعدها نصب للتدريس في المدرسة القادرية.
رحلات الآلوسي إلى الأستانة
بعد نقل علي رضا باشا إلى ولاية دمشق، وتعين محمد نجيب باشا (1842- 1848) واليا على بغداد الذي عمد على عزل أبو الثناء عن إفتاء بغداد عام 1847، وتجريده من أوقاف مدرسة مرجان عملًا بمشورة بطانته التي أوهمته ان هناك فتنة يقودها مفتي بغداد وان عزله وتجريده من كل ما في يده هو الوسيلة الوحيدة للقضاء على هذه الفتنة في مهدها. وهكذا ساءت حال أبو الثناء، وبلغ من العسر حتى باع كتبه وأثاث بيته وعاش بثمنها مدة من الزمن.
عقد النية على السفر إلى الأستانة ليعمل على رفع الحيف الذي وقع عليه فسافر إلى الأستانة، وأول ما قصد شيخ الإسلام عارف حكمت وكان هذا ممتعضًا منه بسبب ما بلغه عنه من أقوال مكذوبة، فاستقبله استقبالًا فاترًا، ولكنه استطاع أن يحمل شيخ الإسلام على تغيير موقفه.
ولم يطل الوقت حتى دارت بين الإثنين مناقشات ومناظرات علمية أوقفت كلًا منهما على فضل صاحبه فتفاهما وأجاز أحدهما الآخر، ونقل أبو الثناء إلى دار الضيافة السلطانية، ثم طلب اليه أن يضع مذكرة بما اقدمه إلى الأستانة يرفعها إلى الصدر الأعظم مصطفى رشيد باشا، فوضع أبو الثناء هذه المذكرة وذيلها ببيتين ضمنهما قول أبي فراس الحمداني: «لنا الصدر دون العالمين أو القبر».