عبد الرحمن الصوفي.. العالم المسلم صاحب الأيادي البيضاء على مسيرة علم الفلك
في مثل هذا اليوم من عام 903 ولد عبد الرحمن الصوفي عالم الفلك الفارسي المسلم، وأحد أشهر الفلكيين في العالم بالقرن العاشر الميلادي، وصاحب الأيادي البيضاء على علم الفلك باعتراف الغرب حتى الآن.
عن نشأة عبد الرحمن الصوفي وحياته
ولد عبد الرحمن الصوفي في بلاد فارس وهو من الذين قالوا بأن الأرض كروية بعد إراتوستينس الذي كان قد أثبت كرويتها قبل الميلاد، وكان من كبار علماء الفلك بل وأعظم فلكيي الإسلام على حد تعبير المؤرخ جورج سارطون، وكان صديقًا للسلطان البويهي عضد الدولة الذي اتخذه فلكيًّا ومعلمًا له لمعرفة مواضع النجوم والكواكب المختلفة وحركة الأجرام الفلكية. وقد قام عضد الدولة ببناء مرصد خاص للصوفي في شيراز مما ساعده في القيام بإنجازاته الفلكية.
قدّم الصوفي في علم الفلك إسهامات مهمة منها رَصَدَ النجوم، وعدَّها وحدد أبعادها عرضًا وطولًا في السماء، ولاحظ نجومًا لم يسبقه إليها أحد من قبل. ثم رسم خريطة للسماء حسب فيها مواضع النجوم وأحجامها ودرجة لمعان كل منها. ووضع فهرسًا للنجوم لتصحيح أخطاء من سبقوه.
وقد اعترف الأوربيون بدقة ملاحظاته الفلكية حيث يصفه ألدومييلي بأنه من أعظم الفلكيين الفرس الذين ندين لهم بسلسلة دقيقة من الملاحظات المباشرة، ثم يتابع قائلًا: لم يقتصر هذا الفلكي العظيم على تعيين كثير من الكواكب التي لا توجد عند بطليموس، بل صحح أيضًا كثيرًا من الملاحظات التي أخطأ فيها، ومكن بذلك الفلكيين المحدثين من التعرف على الكواكب التي حدد لها الفلكي اليوناني مراكز غير دقيقة.
وقد كان الصوفي هو أول فلكي يَرصد ويُلاحظ تغير ألوان الكواكب وأقدارها (وحدة لقياس السطوع)، وأيضًا كان أول من رسمَ الحركة الصحيحة تمامًا للكواكب. وهو أول من لاحظ وجود مجرة أندروميدا، ووصفها بـ «لطخة سحابية».
وأيضًا كان أول من لاحظَ وجود سحابتي ماجلان الكبرى والصغرى وقد صحح الكثير من الأخطاء في وصف بطليموس لمواضع النجوم، وذلك في كتابه صور الكواكب الثمانية والأربعين. وقام أيضًا في كتابه هذا بوضع حدود بدقة لكل كوكبة وللنجوم التي تقع في الصورة المُتخيلة لها والتي خارجها. ووصف فيه مواقع كل النجوم وأقدارها (حيث كان القدماء يُصنفون النجوم ضمن ستة أقدار، وكانوا يُضطرون إلى تقدير لمعانها لعدم توفر أدوات دقيقة لقياسه) من رصده الخاص لها.
حدد سحابة ماجلان الكبرى التي يمكن رؤيتها من اليمن، ولكن ليس من أصفهان، ولم يرها الأوروبيون حتى رحلة ماجلان في القرن السادس عشر. قام أيضًا بأول ملاحظة مسجلة لمجرة أندروميدا في عام 964 م ووصفها بأنها «سحابة صغيرة». كانت هذه هي المجرات الأولى بخلاف درب التبانة التي يمكن ملاحظتها من الأرض.
لاحظ عبد الرحمن الصوفي النجوم ووصفها ووصف مواقعها وحجمها ولونها، كما لاحظ كوكبات وقدم لكل كوكبة رسمتين، واحدة كما تُرى من خارج الكرة الأرضية والأخرى كما نراها من على سطح الأرض.
كتب الصوفي عن الأسطرلاب، حيث وجد العديد من الاستخدامات الإضافية له، فقد وصف أكثر من 1000 استخدام مختلف في مجالات متنوعة مثل علم الفلك والملاحة ومسح الأراضي وضبط الوقت والقبلة والصلاة وغيرهم.
إيران وذكرى عبد الرحمن الصوفي
منذ عام 2006، عقدت جمعية علم الفلك الإيراني - لجنة الهواة (ASIAC) مسابقة دولية للرصد الصوفي في ذكرى عبد الرحمن الصوفي. عقدت المسابقة الأولى في عام 2006 في شمال مقاطعة سمنان، والثانية عقدت في صيف عام 2008 في لاديز بالقرب من زاهدان، وشارك في الحدث أكثر من 100 شخص من إيران والعراق.
توفي عبد الرحمن الصوفي في 8 محرم 376 هـ الموافق 25 مايو 986 م وعمره 83 عامًا.