عودة الروح العربية!
المتعة الحقيقية كانت أهم سمات ما مضى من مباريات مونديال قطر 2022 وعودة الروح العربية الجماعية لمؤازرة أي فريق عربي وكأنه الفريق الوطني لكل مشجع من المحيط إلى الخليج.. وكم تمنينا نحن المصريين أن نجد منتخبنا الوطني بين المتنافسين لاسيما بعد أدائه المبهر وفوزه المشهود على فريق عريق بحجم بلجيكا في مباراة جمعت الفريقين قبيل انطلاقات المونديال الأخير بساعات..
لكننا ابتعدنا رغم ما نملكه من لاعبين لهم صولات وجولات في الدوريات الأوروبية؛ ولم الإخفاق وليد اللحظة بل هو نتاج منظومة رياضية ينقصها الكثير من الإصلاح والتطوير، ومن ورائها إعلام رياضي يكرس للتراجع والتخلف؛ فهو إما مؤيد لدرجة النفاق والتطبيل عند النصر، وإما ناقد لحد التطاول والتجريح عند الهزيمة؛ خاليًا من أي تحليل موضوعي محايد نافع.
مفارقات كرة القدم
لم يكن متصورًا أن تؤسس كرة القدم عالمها الخاص فتذيب الفوارق بين البشر وتعيد رسم الخريطة السياسية للعالم بمعيار آخر غير الذي اعتادته السياسة والقوة العسكرية والاقتصادية فتكبر في ساحة منافساتها الحامية دول صغرى، وتصغر دول كبرى، ويصبح الفيفا منظمة تجمع الشعوب وتفرض كلمتها على الحكومات مثلما تجمع الأمم المتحدة الدول تحت رايتها.. ولولا المونديال ما سمعنا بدول صغيرة المساحة والسكان مثل أوروجواي وبنسلفانيا وبنما.
لا تخلو مباريات الكرة وخصوصا المونديالية من متعة ومفارقات ومفاجآت تنزل السياسة من عليائها وتتخلى القوة عن غطرستها ويصبح بإمكان الدول الصغيرة أن تشعر بالتفوق على الكبار؛ فالولايات المتحدة مثلًا وهي من هى اقتصادًا تسليحًا واقتصادًا وهيمنة لا تقوى على إلحاق الهزيمة ب"ويلز" التي يبلغ تعدادها السكاني نحو 3 ملايين نسمة.. ولم يكن مستغربًا والحال هكذا أن تتعادل الولايات المتحدة في مباراتها الثانية أمام إنجلترا.. دون قدرة حقيقية على حسم النتيجة على البساط الأخضر.
من كان يتوقع ل كرة القدم أن تصنع أساطير تفوق شعبيتهم وشهرتهم رؤساء دول وسياسيين وعلماء كبارًا في مجالهم.. فمن من عشاق الكرة لا يعرف الساحر بيليه أو مارادونا أو هازارد أو رونالدو أوميسي أوهاري كين أولوكا موودريتش أوكيليان أو نجمنا الخلوق محمد صلاح الذي فاز أخيرًا بجائزة أحسن لاعب في العالم وفقًا لتصويت الجمهور.