زي النهاردة.. وفاة العالم المسلم والفقيه الحنفي الكبير أبي السعادات الموصلي
في مثل هذا اليوم من عام 1230 توفي العالم المسلم الكبير أبي السعادات الموصلي، الشاعر العربي العراقي الذي عاش في أوائل القرن السابع الهجري ـ الثالث عشر ميلادي.
عن حياته ونشأته
أبي السعادات الموصلي اسمه بالكامل ابو إسحاق إبراهيم بن عبد الكريم بن أبي السعادات الموصلي، الفقيه الحنفي وأحد أفضل من شرح القدوري ـ مختصر الفقه الحنفي ـ وكذلك الإنشاء لبدر الدين لؤلؤ.
ولد أبي السعادات الموصلي في الموصل سنة 1198 وتلقى دورسه على يد أبي جعفر محمد بن إبراهيم بن محمد الرازي، وجدّ في الاشتغال وتكلم في المسائل الخلافية وناظر الفقهاء وحصل من الادب والعربية نصيبًا وافرًا وكتب الإنشاء بديوان الموصل للملك الرحيم بدر الدين مديدة.
وصف أبي السعادات الموصلي بأنه كان نبيهًا فاضلًا عاقلًا متنسّكًا ورعًا حسن الأخلاق جميل الخطاب أقتدر على أمره بالتدين وإيثار العزلة لنفسه والتصوف وكان مع ذلك شاعرًا، له منظوم ومنثور لم يقصّر في إنشائهما؟
عن الحنفيه والأحناف
ينتمي أبي السعادات الموصلي للحنفية أو الأحناف أو المذهب الحنفي الذي ينسب لأبي حنيفة النعمان (80هـ - 150هـ)، وهو مذهب فقهي من المذاهب الفقهية الأربعة المشهورة عند أهل السنة والجماعة كالمذهب المالكي، والمذهب الشافعي، والمذهب الحنبلي.
استمد أبي السعادات الموصلي شهرته واستمراره من قوة المذهب الحنفي الذي يعتبر من أكثر المذاهب التي كتب لها الاستمرار وتلقتها الأمة بالقبول ويُسمى مذهب أهل الرأي، وهو المذهب الأكثر انتشارًا في العالم، وهو أقدم المذاهب الأربعة.
وتتمثل أهمية هذا المذهب في أنه ليس مجرد أقوال الإمام أبي حنيفة وحده، ولكنه أقواله وأقوال أصحابه والتعابين ومنهم أبي السعادات الموصلي ويعتبر مذهب الأحناف من المذاهب التي كان لها فضل كبير على الفقه الإسلامي من خلال تحرير مسائله وترتيبها في أبواب.
ويعد الإمام أبو حنيفة أول من دون علم الشريعة ورتبه أبوابًا، ثم تابعه مالك بن أنس في ترتيب الموطأ، ولم يسبق أبا حنيفة في ذلك أحد، لأن الصحابة والتابعين وفي القلب منهم أبي السعادات الموصلي لم يضعوا في علم الشريعة أبوابًا مبوبة، ولا كتبًا مرتبة، وإنما كانوا يعتمدون على قوة حفظهم فلما رأى أبو حنيفة العلم منتشرًا خاف عليه الخلف السوء أن يضيعوه، فدونه وجعله أبوابا مبوبة، وكتبًا مرتبة، فبدأ بالطهارة ثم بالصلاة، ثم بسائر العبادات، ثم المعاملات، ثم ختم الكتاب بالمواريث وهو الأمر الذي اعتمده الفقهاء من بعده.
ترجع نشأة المذهب الحنفي إلى أوائل القرن الثاني الهجري، وتحديدًا سنة 120 هـ، وذلك يوم أن جلس أبو حنيفة على كرسي الإفتاء والتدريس خلفًا لشيخه حماد بن أبي سليمان، فكان هذا العام شاهدًا على نشوء أول مذهب فقهي معتمد.
ومن خلال هذه المدرسة الفقهية التي ترأسها الإمام أبو حنيفة نفسه، أخذ المذهب الحنفي في التمدد والانتشار؛ إذ أصبح له تلاميذ وأصحاب ويدونون أراءه وينشرونها، فكان لهم بذلك - لاسيّما الصاحبين أبي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني والتابعين على شاكلة أبي السعادات الموصلي دور كبير في قيام المذهب، وانتشار آرائه وأقواله.