مقالاته اللاذعة أثارت غضب السادات وأدخلته السجن.. الذكرى الـ 95 لميلاد الولد الشقي محمود السعدني
الكاتب الصحفي، محمود السعدني، أحد ظرفاء العصر، عملاق الكتابة الساخرة في الوطن العربي، أحد كبار كتاب الصحافة المصرية، طاف بلاد العالم وكتب عن كل ما رآه فى رحلاته، لقب بالولد الشقي.. عادى السادات وبعض الحكام بسبب مانشيتاته وسجن أكثر من مرة بسبب آرائه.
ولد محمود عثمان إبراهيم السعدني الشهير بـ محمود السعدني في 20 نوفمبر 1927 في محافظة المنوفية، وعمل في بدايات حياته الصحفية في عدد من الجرائد والمجلات الصغيرة التي كانت تصدر في شارع محمد علي بالقاهرة، وكانت انطلاقته الكبرى من مجلة «الكشكول» التي كان يصدرها مأمون الشناوي حتى إغلاقها.
تأييد الثورة
أيد محمود السعدني ثورة 23 يوليو، وعمل في جريدة الجمهورية التي أصدرها مجلس قيادة الثورة، وكان رئيس مجلس إدارتها أنور السادات ورئيس تحريرها كامل الشناوي، لكن بعد تولي السادات منصب رئاسة البرلمان، تم الاستغناء عن خدمات محمود السعدني من جريدة “الثورة”، أسوة بالعديد من زملائه، منهم بيرم التونسي وعبد الرحمن الخميسي.
مناصب صحفية
عمل من جديد في مجلة "روزاليوسف" الأسبوعية مديرا للتحرير عندما كان إحسان عبد القدوس رئيس التحرير والسيدة فاطمة اليوسف صاحبة المجلة.
وتعرض الكاتب للاعتقال أكثر من مرة في عهدى عبد الناصر والسادات، فأثناء زيارة صحفية إلى سوريا قبيل الوحدة بين البلدين، حيث طلب أعضاء الحزب الشيوعي السوري من السعدني توصيل رسالة مغلقة للرئيس جمال عبد الناصر، فقام بتسليمها لأنور السادات دون أن يعلم محتواها، وكان في الرسالة تهديد لعبد الناصر، فألقي القبض عليه وسجن ما يقارب العامين، وأفرج عنه بعدها وعاد للعمل في روز اليوسف بعد أن أُممت، ثم تولى رئاسة تحرير مجلة “صباح الخير”، وانضم إلى التنظيم الطليعي، وكان له في تلك الفترة نفوذ كبير.
سجن مرة ثانية
وعقب وفاة عبد الناصر حدث صراع على السلطة بين الرئيس أنور السادات وعدد من المسئولين المحسوبين على التيار الناصري، مثل شعراوي جمعة وسامي شرف ومحمود فوزي وغيرهم، وانتهى الصراع باستقالتهم واعتقال السادات لهم، وتقديمهم للمحاكمة بتهمة محاولة الانقلاب، وكان اسم محمود السعدني ضمن أسماء المشاركين، فقبض عليه وتمت محاكمته أمام محكمة الثورة وأُدين وسُجِن.
السدنى فى المنفى
غادر السعدني مصر متوجهًا إلى بيروت واستطاع الكتابة بصعوبة في جريدة “السفير”، ثم سافر عام 1976 إلى أبوظبي للعمل كمسئول عن المسرح المدرسي في وزارة التربية والتعليم بالإمارات، ثم عاد صحفيًّا ليعمل مرة أخرى في إدارة تحرير جريدة “الفجر” الإماراتية، ووضع شروطا بعدم التدخل في سياسة التحرير، وكانت النتيجة انه بعد اقل من أربعة أشهر صودر أحد أعداد الفجر؛ بسبب مانشيت أغضب سفارة إيران حين رفع شعار الجريدة “الفجر جريدة العرب في الخليج العربي”، فطالبت إيران بحذف صفة “العربي” عن الخليج لأنه في الأصل فارسي كما يقولون، وبعد ضغوط إيرانية اضطر السعدني إلى مغادرة أبو ظبى إلى الكويت، حيث عمل في جريدة السياسة الكويتية، ولاحقته الضغوط فغادر إلى العراق، فمارست المخابرات العراقية ضغوطها عليه فغادر العراق إلى لندن.
اضطر السعدني إلى مغادرة أبوظبي إلى الكويت ليعمل في جريدة “السياسة الكويتية”، مع الصحفي أحمد الجار الله، ولكن الضغوط لاحقته هناك أيضًا، فغادر إلى العراق ليواجه ضغوطًا من نوع جديد ليغادر أخيرا إلى لندن.
مجلة 23 يوليو
تمكن السعدني بالاشتراك مع آخرين من إصدار مجلة “23 يوليو” في لندن، وكانت أول مجلة عربية تصدر هناك، وبتمويل غير معلن من الشارقة على أثر زيارة السادات الى القدس، وحققت نجاحًا كبيرًا في الوطن العربي لالتزامها بالخط الناصري، لكن بعد حصار عليها وانحسار الدعم العربي الرسمي للجريدة انهارت وتوقفت عن الصدور، حتى قال السعدني: “كان يجب عليَّ أن أرفع أي شعار ”إلا 23 يوليو" لأفوز بالدعم".
وبعد رحيل السادات عاد السعدنى إلى مصر، واستقبله الرئيس حسنى مبارك.
إصدارات الولد الشقي
أصدر محمود السعدني عدة كتب هي الأفضل في الكتابة الساخرة حتى الآن، وتعتبر من أروع ما كتب في أدب السيرة الذاتية في الأدب العربي، بدأها من نهاية الستينيات وحتى منتصف التسعينيات، وحملت عناوين مثل “الولد الشقي” في أربعة أجزاء، و"الطريق إلى زمش"، “مسافر على الرصيف”، “أمريكا ياويكا”، “الموكوس في بلاد الفلوس”، "المضحكون"، “حمار من الشرق”، “تمام يا افندم”، “رحلات ابن عطوطة”، وكان آخرها “قهوة كتكوت”.
ورحل محمود السعدني عام 2010.