رئيس التحرير
عصام كامل

الحرية لـ علاء عبدالفتاح

يقينى أن الضجة العالمية التي أثيرت حول قضية الناشط السياسى علاء عبد الفتاح خلال فعاليات مؤتمر المناخ COP 27 فى حاجة إلى مراجعة وتحليل، للحكم بهدوء على حقيقة مواقف كل الأطراف التى تدخلت في القضية خلال الأيام القليلة الماضية، بما فيهم القوى الدولية، واليسار المصرى، وأسرة علاء عبد الفتاح ذاته، الذي أحدثت قضيته انقساما في الرأي العام المصرى والدولى بشكل لم يحدث مع زعماء وسياسيين وناشطين سبقوه إلى ذات المصير خلال السنوات الماضية.

 

ولاننى لا أتبنى موقف النظام، أو حتى اليسار المصرى، أو أسرة علاء عبد الفتاح، فسأكتفى هنا بعرض المواقف بحيادية، ثم قراءتها بذات الحيادية، وأترك للقاريء العزيز حرية الحكم على مواقف الجميع، بما فيها الموقف الدولى، وموقف علاء عبد الفتاح ذاته، وإن كان بالفعل متهما ويستحق أن يظل حبيسا، أم بريئا ويجب أن يطلق سراحه.

الموقف الدولي

وأبدأ بالموقف الدولي، الذي تدخل بشكل غير مسبوق وقوى للغاية لممارسة ضغوط على النظام المصرى للإفراج وبشكل فورى وعاجل عن علاء عبدالفتاح، وهو الموقف الذى تبناه بشكل واضح وعلنى كل من الرئيس الأمريكي جو بايدن، والمستشار الألماني اولاف شولتش، والرئيس الفرنسى ماكرون، ورئيس الوزراء البريطانى ريشى سوناك، والمفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة فولكر تورك، والمديرة التنفيذية لشبكة العمل المناخى تنسيم إيسوب، وانييس كالامار الأمين العام لمنظمة العفو الدولية، إلى جانب  15 عالما من الحائزين على جوائز نوبل، ومعهم منظمات وشخصيات عالمية كثيرة.

 

أما ثانى المواقف فهو موقف اليسار المصرى،  الذى صعد من قضية علاء عبدالفتاح بشكل لم يحدث مع سجين سياسى أو غير سياسى آخر، لدرجة أن أغلب رموزه أيدوا التدخل الدولى في القضية، وخصصت أغلب المواقع الصحفية اليسارية أغلب موادها المنشورة لعدة أيام لقضية علاء عبدالفتاح.

 

أما ثالث المواقف فكان لأسرة علاء عبد الفتاح، التى فضت اعتصاما قد نظمته أمام وزارة الخارجية البريطانية، بعد تلقي مكالمة من وزير الخارجية جيمز كليفرلي، وعد خلالها بوضع قضية علاء عبد الفتاح باعتباره مواطنا بريطانيا على قمة أولويات الخارجية البريطانية ورئيس الوزراء ريشى سوناك.

 

في حين صعدت شقيقته سناء سيف عبدالفتاح من الأمر، وقررت التوجه من لندن إلى شرم الشيخ لعرض قضية شقيقها خلال فاعليات مؤتمر المناخ، وبالفعل نجحت فى إقامة مؤتمر صحفى حضره حشد كبير من الصحفيين العرب والأجانب، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث خصصت مجموعة Dcj الناشطة في مجال العدالة المناخية، جلسة خاصة ضمن فاعليات المؤتمر لتناول قضية علاء عبد الفتاح، شاركت فيها شقيقته مع أنييس كالامار الأمين العام لمنظمة العفو الدولية، شهدت هجوما حادا على مصر، وتخللها مشادة كلامية انتهت بتدخل أفراد أمن الأمم المتحدة لطرد عضوا بالبرلمان المصرى بسبب إدانته لعلاء ودفاعه عن الموقف المصري.

موقف علاء عبدالفتاح

أما عن موقف علاء عبدالفتاح ذاته الذى بدأ اضرابا مفتوحا عن الطعام بالتزامن مع بدء فاعليات مؤتمر المناخ cop 27، لخلق تعاطف مع قضيته والضغط على السلطات المصرية لإطلاق سراحه، فى حين أن الواقع والقراءة دون تحيز تقول، أنه قد تم سجنه خلال عهود مبارك والمجلس العسكرى ومرسى والسيسي، وأنه شارك بشهادة الجميع فى أغلب أحداث الحرق والتدمير خلال أحداث يناير 2011 كما حرض بشكل واضح وصريح على إسقاط الدولة المصرية وقتل أفراد الجيش والشرطة وعددا من الشخصيات العامة، من خلال مقاطع فيديو وتويتات نشرها على موقع التواصل الاجتماعي..

 

 لدرجة أنه كتب فى إحدى تويتاته نصا: "ما دام مش عارفين نطول الضباط، ما نشوف خلية إرهابية تقتل عيالهم وتعذّب أمهاتهم". وقال في تدوينة أخرى "البلد دي مش هيبقى فيها أي أمل لحد ما كل قسم داخلية يتحرق لغاية آخر قشة فيه" وقال فى ثالثة: "الجماعة الإسلامية كان عندهم حق، لازم نقتل كل ضباط الشرطة دون أي تمييز" وقال فى رابعة: "لولا حرق الأقسام ما كانتش الداخلية هتتربى، حرق الأقسام كان أسلوب تأديبي سلمي بدلا من ذبح كل الضباط علنا".

 

كما قال فى خامسة: "لو طهروا الداخلية وجابوا لنا اجدع دستور وجابوا حاكم دستوري منتخب حبوب، وكتبوا أحسن قانون تظاهر في الدنيا، برضه مش ملتزم بيه" وقال فى سادسة: "بما أن الكل مُصر يكلمني عن إزاي سلمية راحت خلاص، مين هيعمل معايا تنظيم مسلح لاغتيال أي ثائر يبرر التعذيب خلينا ننضف الثورة" وقال فى سابعة "ممكن حد يغتال ضياء رشوان، أو لو لازم سلمية سلمية نعور حنجرته، المهم يبطل يتكلم، مش ممكن دا عبادة الجيش والدعوة لأحكام عرفية ده".

 

تلك هى المواقف المعلنة لكل الأطراف خلال الأيام الماضية دون أدنى تدخل، غير أنها تطرح مجموعة من الأسئلة تفرض نفسها على الجميع، وفى مقدمتها، هل نستطيع أن نطالب بالحرية للمسجون علاء عبدالفتاح ونجزم ببراءته بعد كل ما سبق، وهل لدى أسرته واليسار المصرى قناعة بأنهم يدافعون عن قضية عادلة للدرجة التى جعلتهم يصعدون من قضيته دوليا بشكل لم يحدث مع سجين مصرى آخر على مر التاريخ؟!

 

وماذا عن الموقف الأمريكي والبريطاني والالماني والفرنسي والأممي، لو أن ما قام به علاء عبد الفتاح تم فى واشنطن أو لندن أو باريس أو برلين، هل كان علاء عبد الفتاح سيصبح في تلك الحالة أمريكيا أو اوربيا مضطهدا، أم إرهابيا من أصول عربية، وهل كان سيحق لرئيس مصرى اتهامهم بانتهاك حقوق الإنسان والمطالبة بالإفراج عنه باعتبارة مصريا، أم كان سيعتبرون ذلك دفاعا عن الإرهاب وتدخل سافر فى الشأن الداخلى؟!

 

 

أعتقد أن الواقع يؤكد أن علاء عبد الفتاح قد اضر بقضيته غير العادلة، وأن موقف أسرته ومعها اليسار المصرى والخارج قد زادوها تعقيدا، وكان الأولى بهم جميعا ترك الأمر للجنة العفو ومؤسسة الرئاسة ومعالجة الأمر داخليا بهدوء، بدلا من الصورة السوداء التى اظهروا عليها مصر في محفل دولي ضم كل دول العالم.. وكفى.

الجريدة الرسمية