الانتخابات النصفية.. صراع الفيل والحمار للسيطرة على الكونجرس الأمريكي
المحتويات
ساعات فاصلة تحدد مستقبل الديمقراطيين (رمز الحمار) فى أمريكا أمام فرص الجمهوريين (رمز الفيل) المتصاعدة والمرجح حسمهما انتخابات التجديد النصفي المقرر انطلاقها الثلاثاء، في الولايات المتحدة الأمريكية، ويعتبر المراقبون أن هذا الاقتراع بمنزلة تصويت مبكر على فرص ترشح الرئيس الحالي للبلاد الديمقراطي جو بايدن، في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وسط عاصفة سياسية يثيرها الرئيس السابق دونالد ترامب المرجح ترشحه مرة أخرى على أمل العودة إلى البيت الأبيض.
مصير العالم مرهون بانتخابات الكونجرس
من جهتها اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكي، أن سيطرة الجمهوريين المتوقعة على الكونجرس بعد انتخابات التجديد النصفي المقررة الثلاثاء، ستمثل أداة ضغط قوية على إدارة الرئيس جو بايدن، في ما يخص السياسة الخارجية الأمريكية ولاسيما ملفي أوكرانيا وإيران، بالإضافة إلى أزمة الانسحاب الفوضوي من أفغانستان.
وذكرت الصحيفة في تحليل لها أن "سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب أو مجلس الشيوخ قد تؤدي إلى تعقيد جهود إدارة بايدن للدفاع عن أوكرانيا أمام روسيا، وإبطاء تأكيد سفراء الولايات المتحدة الرئيسيين، وتؤدي إلى استجواب علني للمسؤولين الذين شاركوا في الانسحاب الأمريكي الفوضوي من أفغانستان العام الماضي.
ويهتم الأمريكيون هذا العام بانتخابات حكام الولايات، وسكرتيري الولايات الذي يمثل أعلى سلطة في الانتخابات، وهو الذي يصادق على النتائج، لدورهم المهم في تنظيم وإدارة الانتخابات، وتوثيق نتائجها، وهو ما لفتت إليه معارضة الرئيس السابق دونالد ترامب لنتائج الانتخابات عام 2020، وما تبعها من أحداث مثيرة وصلت إلى حد اقتحام المئات من أنصاره مبنى الكابيتول في محاولة لوقف توثيق نتائج الانتخابات.
ويقود الحزب الذي تؤول له الأغلبية في مجلسي الكونجرس اللجان المهمة في هذه المؤسسة التشريعية، وتتحدد قدرة الرئيس على إنجاز أجندته السياسية اعتمادا على سيطرة حزبه على الكونجرس بمجلسيه، وتتغير هذه القدرة إذا خسر أحد المجلسين، وتنحسر قدرته بصورة شبه كاملة إذا خسر أغلبية المجلسين.. وخلال السطور التالية توضح "فيتو" كل ما يريد القاري معرفته عن انتخابات التجديد النصفى فى أمريكا قبل ساعات من انطلاقها.
ما هي انتخابات التجديد النصفي للكونجرس؟
تجرى الانتخابات النصفية كل عامين فى أمريكا، إلا أنها تكتسب أهمية خاصة عندما لا تتزامن مع انتخابات الرئاسة التي تجرى كل 4 سنوات، حيث تبقى للرئيس بايدن عامين فى ولايته الأولى.
وتجري الانتخابات هذا العام يوم 8 نوفمبر، لكن بعض الولايات تسمح بالتصويت المبكر سواء بالبريد أو بالحضور الشخصي، ويتم انتخاب كل أعضاء مجلس النواب لمدة عامين، لذلك يتم خوض الانتخابات في كل مقاعد المجلس البالغ عددها 435 مقعدًا خلال انتخابات التجديد النصفي، في حين يتم انتخاب ثلث أعضاء مجلس الشيوخ المئة (35 مقعدًا) في الانتخابات النصفية كل عامين.
وهناك كذلك انتخابات لحكام الكثير من الولايات (36 ولاية)، إضافة لسكرتيري الولايات والعديد من المناصب السياسية المحلية في الولايات والمقاطعات.
فرص الحزبين الديمقراطي والجمهوري في انتخابات الكونجرس
رغم الحديث واستطلاعات الرأي عن فرص متصاعدة للجمهوريين في ظل إخافة الديمقراطيين في الإدارة خلال العامين الماضيين، ما زالت التوقعات مختلطة، وتختلف نتائج الاستطلاعات طبقا للجهة التي تجري هذه الاستطلاعات وميولها الأيديولوجية.
فعلى سبيل المثال، تشير استطلاعات شبكة "فوكس نيوز" المحافظة إلى تفوق الجمهوريين على الديمقراطيين بصورة عامة، وهو عكس نتائج استطلاعات الرأي التي تجريها شبكة "إم إس إن بي سي" الإخبارية الليبرالية التى تعزز فرص الديمقراطيين.
لكن المتفق عليه أن كل الاستطلاعات تشير إلى أن الفارق ضئيل بين مرشحي الحزبين خاصة في الولايات المتأرجحة مثل بنسلفانيا وجورجيا ونيفادا وأريزونا وويسكونسن، في حين يضمن الكثير من مرشحي الحزبين مقاعد ودوائر آمنة في دوائر معروف تاريخيا هوية ولائها الحزبي.
للديمقراطيين حاليا 222 عضوا في مجلس النواب مقابل 212 للجمهوريين، مع بقاء 3 مقاعد خالية لوفاة أو عزل شاغليها.
ويهدف الحزب الجمهوري إلى استعادة الأغلبية في مجلس النواب التي خسرها في انتخابات التجديد النصفي عام 2018، وهو يحتاج إلى 5 مقاعد فقط لاستعادة الأغلبية، وتشير أغلب استطلاعات الرأي إلى أن الجمهوريين سينجحون في مهمتهم.
أما مجلس الشيوخ فينقسم حاليًّا بنسبة 50/50 بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، لكن الديمقراطيين يملكون الأغلبية من خلال امتلاك نائبة الرئيس كامالا هاريس حق "كسر التعادل في التصويت"، بوصفها رئيسة مجلس الشيوخ.
ومن بين الـ35 مقعدًا في الانتخابات، يمثل الجمهوريون 21 مقعدًا، في حين للديمقراطيين 14 مقعدًا.
الحزب الجمهوري يحتاج إلى كسب مقعد واحد فقط لاستعادة الأغلبية في مجلس الشيوخ، في حين يواجه الديمقراطيون تحديات كبيرة قد تتسبب في حرمانهم من الأغلبية.
ويسيطر الجمهوريون حاليًّا على منصب الحاكم في 28 ولاية، والديمقراطيون على 22 ولاية. وتجرى انتخابات الحكام في 36 ولاية، منها 20 يحكمها حاليا حاكم جمهوري، و16 ولاية حاكمها ديمقراطي.
يرى المراقبون أن الديمقراطيين لديهم احتمالات جيدة للتمسك بأغلبيتهم في مجلس الشيوخ أو توسيعها بمقعد أو اثنين، في حين يتوقع أن يسيطر الجمهوريون على أغلبية مجلس النواب.
وتقليديا، يتجه حزب الرئيس (الديمقراطي حاليًّا) إلى خسارة الكثير من المقاعد في الانتخابات النصفية فيما يعتبر استفتاء على إدارته لشؤون البلاد.
فقد خسر الجمهوريون 41 مقعدًا بمجلس النواب في عهد دونالد ترامب بانتخابات عام 2018 لصالح الديمقراطيين، وتكرر السيناريو قبل ذلك في عهد باراك أوباما الذي خسر حزبه الديمقراطي 63 مقعدًا بمجلس النواب، وعلى نحو مماثل في انتخابات 2010.
ولا يتمتع الرئيس الديمقراطي جو بايدن إلا بدعم أقل من 40% من الأمريكيين، وذهبت الكثير من التقديرات إلى تحقيق الجمهوريين فوزًا كبيرًا ومريحًا على الديمقراطيين، إلا أن هذه التقديرات قد تضاءلت في الأشهر الأخيرة.
قضايا تحرك الناخب الأمريكي بانتخابات الكونجرس
يشير الكثير من الناخبين إلى قضايا الاقتصاد والتضخم والإجهاض باعتبارها أهم القضايا في تحديد تصويتهم للكونجرس هذا العام.
وجاء قرار المحكمة العليا بإلغاء حق الإجهاض على المستوى الفدرالي، وإلغاء قضية "رو ضد واد" ليعطي دفعة قوية وحماسًا للديمقراطيين، خاصة النساء منهم، لزيادة التعبئة الشعبية ضد القرار من خلال دفع مؤيدي الإجهاض القانوني للتصويت بأعداد كبيرة.
الجمهوريون من جانبهم يفضلون إبقاء النقاش الانتخابي مركزا على أعلى نسب تضخم تشهدها الولايات المتحدة خلال العقود الأربعة الأخيرة، ومخاوف أوسع نطاقًا بشأن التدهور والتراجع الاقتصادي عند ملايين المواطنيين. وتُجمع الاستطلاعات أن أكثر من ثلثي الأمريكيين يرون أن الاقتصاد ليس جيدًا أو ضعيفا، وأن الاقتصاد سيكون عاملًا مهمًّا في اختياراتهم الانتخابية.
وهناك قضايا مهمة تشغل ناخبي بعض الولايات، مثل الهجرة في الولايات الحدودية كتكساس وأريزونا وكاليفورنيا ونيو مكسيكيو وفلوريدا، وقضية ارتفاع معدلات الجرائم في كاليفورنيا ونيويورك وماساشوستس، وقضية التغيرات المناخية في ولايات واشنطن وأوريغون وألاسكا وكاليفورنيا.
تعتبر أغلب المقاعد آمنة لكل من الحزبين، لكن يبقى هناك 31 مقعدا يراها تقرير "كوك السياسي" دوائر متأرجحة غير محسومة، ومن هذه الدوائر 10 مقاعد يشغلها جمهوريون حاليا، ويشغل الديمقراطيون الـ21 مقعدا الباقية.
ويحتاج الجمهوريون، لضمان أغلبية مجلس النواب، إلى إضافة 6 مقاعد لما لديهم الآن، وبسبب لا مركزية الانتخابات، يقوم المرشحون الجمهوريون والديمقراطيون بتركيز حملاتهم الانتخابية والنقاش العام وفي دوائرهم على قضايا محلية، سواء كانت في الاقتصاد أو الإجهاض أو العنف المسلح أو الهجرة.
8 مقاعد تنافسية يتصارع عليها الديمقراطيين والجمهوريين
هناك 8 مقاعد في مجلس الشيوخ من المتوقع أن تكون تنافسية، ولكل من الحزبين 4 مقاعد على المحك. مقاعد الجمهوريين في ولايات بنسلفانيا وويسكونسن، وكارولينا الشمالية، وأوهايو، في حين ولايات الديمقراطيين هي أريزونا، وجورجيا، ونيفادا، وكولورادو.
وقد تتسبب خسارة مقعد واحد للديمقراطيين في نتائج سباقات مجلس الشيوخ الإجمالية، في خسارتهم أغلبية المجلس.
هناك 5 سباقات على منصب الحاكم صنفها تقرير "كوك" على أنها مهددة بالخسارة، وهي: ولايات نيفادا، وويسكونسن، وكانساس، وأوريجون، وأريزونا، ويحكم هذه الولايات الخمس حاليا حكام ديمقراطيين.
على الرغم من أن مجلسي النواب والشيوخ هما سباقان فدراليان، فإنه يقع على عاتق مسؤولي الولايات والمسؤولين المحليين الإشراف على الانتخابات، وإجراءات التصديق على نتائجها.
وعلى عكس الانتخابات الرئاسية التي تختار خلالها الولايات ممثليها في المجمع الانتخابي، ويتم التصديق على النتائج من قبل الكونجرس؛ يتم اعتماد النتائج النهائية في سباقات مجلسي النواب والشيوخ من كل ولاية على حدة.
أما بالنسبة لإدارة الانتخابات نفسها، فيتم التعامل معها على بطريقة لامركزي بصورة كبيرة، إذ تقوم المقاطعات والبلدات بالدور الرئيسي، وفيها يتم فرز الأصوات، وهناك أكثر من 10 آلاف دائرة انتخابية يشرف على إدارتها مجموعة محلية غير حزبية في معظمها.
العديد من الولايات لديها سكرتير منتخب يمثل أعلى سلطة في الانتخابات، وهو الذي يصادق على النتائج. ولدى البعض الآخر مسؤول انتخابي آخر تختاره الهيئة التشريعية أو الحاكم. ولدى بعضها مجلس انتخابي أو لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات.
موعد إعلان نتائج انتخابات الكونجرس وبدء الدورة التشريعية
بصفة عامة يترك المساحة لوسائل الإعلام بإعلان النتائج، يمكن لوكالة "أسوشيتد برس" تحديدًا إعلان بعض النتائج بعد وقت قليل من إغلاق صناديق الاقتراع، ودائمًا تكون تقديراتها دقيقة للغاية.
لكن هناك بعض الولايات وبعض الدوائر قد يتأجل إعلان نتائجها، وقد ننتظر أيامًا قبل إعلان النتيجة النهائية. ويتم الانتظار بعد ذلك لتصديق كل ولاية على نتائجها النهائية، لكن مع إغلاق صناديق الاقتراع نهاية يوم 8 نوفمبر/تشرين الثاني، يستطيع الخبراء المتخصصون تحديد اتجاه النتائج النهائية.
ويجتمع الكونجرس بتشكيله الجديد في 3 يناير 2023، في دورة برلمانية تستغرق عامين ليجري بعدها انتخاب أعضاء الدورة الجديدة بالتزامن مع انتخاب الرئيس، وحتى الآن تعد أبرز الأسماء المطروحة لتلك المهمة فى ظل عدم ظهور أسماء أخرى حتى الآن، هما الديمقراطى الحالي جو بايدن الذي أعلن نيته الترشح، فى المقابل بالرغم من تحفظ الجمهوريين على إعادة دونالد ترامب إلى المشهد إلا أنه ما زال حتى الآن الاسم الأكثر حضورًا في المشهد انتظارًا لأي متغيرات جديدة خلال الشهور المقبلة.