زي النهاردة.. مولد إبراهيم الأول السلطان العثماني التاسع عشر
في مثل هذا اليوم عام 1615 وُلد إبراهيم الأول، السلطان العثماني التاسع عشر، وهو شقيق كل من السلطان عثمان الثاني والأمير محمد والأمير قاسم والسلطان مراد الرابع، ووالد كل من السلطان محمد الرابع والسلطان سليمان الثاني والسلطان أحمد الثاني، وعمّه السلطان مصطفى الأول، وخلفه في الحكم ابنه السلطان محمد الرابع.
عن جلوسه على العرش
تُوفي السلطان مراد الرابع ولم يترك أولادا فذهبت ولاية عهده إلى أخيه إبراهيم الذي كان مسجونا آنذاك، وعندما اندفعت الحاشية المالكة لتهنئ السلطان الجديد، ظن أنهم يريدون قتله وأنها مكيدة من أخيه لاختبار ولائه، فرفض الملك وأعرض عنهم وقال لهم بأنه يفضل السجن ولم يصدقهم حتى قابلته أمه ومعها جثة السلطان مراد.
وقتها تيقن من الخبر ورضي أن يتولى سدة الخلافة، وتقلد سيف عثمان بن أرطغرل في مسجد أبي أيوب الأنصاري، وكان مما خطب أنه قال: الحمد لله اللهم جعلت عبدًا ضعيفًا مثلي لائقًا لهذا المقام، اللهم أصلح وأحسن حال شعبي مدة حكمي.
جلس السلطان إبراهيم على العرش وكان وقتها في الخامسة والعشرين من عمره، بعد أن قضى مراحل عمره في عهد أخويه عثمان الثاني ومراد الرابع بعيدًا عن أي مهام، وشاهد مقتل إخوته الأربعة الكبار، وبقي ينتظر مثل مصيرهم، ما جعله عصبيًا ومضطربًا لا يستقر على شيء، كما أنه لم يكمل تحصيله العلمي، ولم تتوافر له المهارة العسكرية بسبب العزلة التي فرضت عليه.
في بداية حكمه حاول أن يكون مثل أخيه السلطان مراد الرابع، ولكن لم تكن له صفاته؛ فاضطربت أمور الدولة، وتوالى عزل الصدور العظام أو قتلهم، ولأن الدولة كانت قد استعادت هيبتها في عهد سلفه مراد الرابع فإن قصور إمكانات السلطان وضعف سياسته لم تؤثر تأثيرًا قويًا في جسد الدولة الكبير.
السياسة الداخلية
ترتب على ضعف السلطان ما عرف بـ«سلطنة الحريم»، وهو تدخل سيدات الحرم السلطاني في شئون الدولة، وتغلغل نفوذهن في أجهزة الحكومة، وبلغ تأثيرهن أثرا كبيرا وتمكن الصدر الأعظم قرة مصطفى باشا من الوقوف في وجههن والضرب بيد من حديد على المفسدين.
تسببت قوة مصطفى باشا في وجه تدخل الحريم إلى وقوفه أمام والدة السلطان السلطانة كوسم التي كانت تريد أن تكون لها اليد العليا في البلاد، فحرضت إبنها السلطان إبراهيم ضده تدريجيًا حتى أمر بإعدامه.
مع الوقت ازدادت أحوال الدولة سوءًا، واضطربت ماليتها، ونزع جنود الانكشارية إلى التكتل والتدخل في شؤون الدولة، وحاول السلطان إبراهيم أن يقمع الفتنة، ويتخلص من زعماء الانكشارية بعد أن علا صوتهم، وازداد تدخلهم في شئون الدولة، وتركوا مهمتهم الأصلية في الدفاع عن الدولة ومهاجمة أعدائها إلى التذمر وانتقاض أعمال السلطان، والقيام بالسلب والنهب.
وكانت تحركهم في ذلك والدته السلطانة كوسم ماه بيكر التي رغبت في أن تدير الدولة بنفسها بينما كان السلطان إبراهيم يمنعها من التدخل في شئون الدولة ويهددها بنفيها.
وعندما علم زعماء الإنكشارية بعزم السلطان، تحركوا سريعًا وأعلنوا ثورتهم، وعاونهم فيها شيخ الإسلام «عبد الرحيم أفندي» وبعض العلماء، واتفق الجميع على عزل السلطان وتولية ابنه «محمد الرابع»، ولم يكن قد أتم السابعة من عمره وتحقق لهم ما ارادوا.