زي النهاردة.. وفاة عبد المجيد الأول سلطان الدولة العثمانية الذي استرد أملاكه من محمد على
في مثل هذا اليوم من عام 1861 توفى عبد المجيد الأول سلطان الدولة العثمانية، خليفة المسلمين الثالث بعد المائة وسلطان العثمانيين الحادي والثلاثين والثالث والعشرين من آل عثمان الذين جمعوا بين الخلافة والسلطنة، والسلطان الذي استرد أملاك دولته في الشام من محمد على بعد أن كانت في حكم المستحيل.
عن نشأته وحياته
هو ابن السلطان محمود الثاني، ولد في قصر الباب العالي يوم 25 أبريل 1822 كأكبر أولاد السلطان محمود وتلقى التعليم الأوروبي وكان يجيد اللغة الفرنسية ويهوى الأدب والموسيقى الكلاسيكية وكان من دعاة الإصلاحات مثل والده السلطان محمود الثاني.
قبل تنصيبه عاشت الدولة العثمانية أحوال في غاية الاضطراب بعد انتصار جيوش والي مصر محمد علي باشا ضد العثمانيين في معركة نصيبين، وانضمام الأسطول العثماني بقيادة أحمد باشا إلى محمد علي ورسوّه في ميناء الإسكندرية.
توفى والده السلطان محمود الثاني وتولى عبد المجيد السلطنة وعمره 16 عامًا وثلاثة أشهر؛ فكانت أولى أعمال السلطان الاتفاق مع الحلفاء حول "حل مشترك" للمسألة المصرية مع الدول الأوروبية، غير أن الخلاف بين فرنسا وبريطانيا قد أعاق التوصل لاتفاق سريع.
تمكنت الدولة في عهده من الانتصار في حرب القرم، ومع الوقت استعاد سوريا العثمانية من حكم محمد علي باشا، وأدخل إصلاحات عديدة في القوانين العثمانية، وقوّى سلطة الحكومة المركزية مقابل انحلال الولاة السابق، سيرًا على نهج أسلافه بدءًا من سليم الثالث الإصلاحي؛ وبنى قصر طولمه بهجة، واتخذه مقرًا لحكمه، كما رمم المسجد النبوي في المدينة المنورة.
سياسته الاقتصادية
أفضت حرب القرم إلى الإنهاك الاقتصادي للدولة العثمانية، وفي 1854 عقدت الدولة أول قرض خارجي لها لتسديد النفقات العسكرية بقيمة 75 مليون فرنك فرنسي، استملت منها 60 مليون وحسم الباقي كفوائد.
وفي عام 1855 أبرم القرض الثاني ومبلغه 125 مليون، وخصص أيضًا لتسديد النفقات العسكرية، وهو ما استمر في عهدي خلفيه عبد العزيز وعبد الحميد الثاني، حتى أعلنت الدولة إفلاسها مرتين؛ وكانت سياسة عقد القروض تعني في الواقع انتقاص السيادة العثمانية واضطرت لأول مرة في تاريخها لرهن ضرائبها الداخلية لضمان دفع قروضها لأوروبا.
قام عبد المجيد بتنظيم الميزانية عن طريق التقيّد بتسجيل إيرادات ومصروفات الدوائر المختلفة بقيود محاسبية؛ فتحسنت مالية الدولة عن طريق تعيين أشخاص لهم خبرة واسعة في الشؤون المالية، وساهمت العدالة في جمع الضرائب بعد إلغاء طريقة التلزيم، والتشدد في التحصيل الضريبي من جميع المكلفين بعد أن كان يهرب منه "المتنفذون وأصحاب العصبيات"، في ازدياد دخل الدولة، ومن ثم صرفه في مجالات نافعة، لاسيّما مع تنظيم الميزانية، وتسجيل المدخولات والمصروفات في سجل رسمي، وعدم صرف أي مبلغ دون استصدار فرمانات همايونية بذلك.
حاول كثيرا إصلاح الأوضاع قبل أن تنتهي شمس الدولة العثمانية لكن الموت غيبه في مثل هذا اليوم.