صراخ الجسد
الحديث عن المعاناة مع المرض حديث ذو شجون خاصة لو كان هذا المرض مجرد ذكر اسمه يثير الرعب.. منذ عام بالتمام والكمال اكتشفت بالصدفة إصابتي بهذا المرض الذى يتحاشى الجميع -بمن فيهم أنا- ذكره صراحة فنحن نتحدث عنه بالكناية أحيانا، وإضافته إلى أكثر صفة يبغضها الناس ولكن كل هذا لا يغير في المضمون شئ.
خلال الأيام الـ 365 الماضية حاولت أن أتحاشي الحديث عن هذه المعاناة والتجربة المريرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فضلا عن الألم الرهيب الذى لايدرك مداه سوى من عانى منه فعلا.
الغريب والمثير فعلا أنني في الشهور التي سبقت اكتشاف إصابتي بهذا المرض كنت أستشعر إن هناك شئ ما يلح علي أن أتدارك كارثة سوف تحل بي، يمكن أن أسميه صراخ الجسد الذي يريد إيصال رسالة لصاحبه تمثل هذا الهاتف الخفى أو الرسول الغامض في كوابيس تأتي في توقيت يكاد يكون يوميا..
أنا والسرطان
ورغم محاولتي تجاهل ذلك إلا أن تكرار تلك الرسائل كان أحد الدوافع التي جعلتني أبادر للتوجه للطبيب وتبين لى وقتها إن كل ظنونى كانت صحيحة، وأستطيع القول أن الله سبحانه وتعالى عندما يبتلى عبد بشئ فوق احتماله فإن رحمته تسبق هذا الإبتلاء وهو ما حدث معي خلال هذا العام الاستثنائي في كل مفرداته.
وعلى الرغم من كارثية المشهد الحافل بالكثير من القلق والألم والمعاناة ليس مع المرض وحده فقط بل ومع العلاج وقلق الانتظار بين التحاليل والأشعة وترقب النتائج، لكن ومع كل هذا تبقى هناك الكثير من الجوانب المضيئة لعل أهمها معرفتك من هو الصاحب الحقيقي ومن يقف معك وأنت في أحلك لحظات حياتك.
المرض أيضا يعطى الانسان ميزة كبرى وهى التعامل مع الحياة والناس والأحداث بالكثير من القبول والتفهم وربما التجاهل في مواقف أخري.. استحضر هنا ديوان الشاعر الكبير أمل دنقل أوراق الغرفة 8 الذى جسد فيه معاناته مع نفس المرض فى صورة قصائد خالدة عاشت وسوف تعيش طويلا، فمن رحم المعاناة تتولد أجمل الأشياء.
حاولت خلال تلك الأيام التي انقضت والتى أكملت العام أن أتجاهل هذا المرض وأن أتفاعل مع الأحداث وأتابع هواياتى واستغرق في عملي رغم مرارة الألم الذي يكون في بعض الأحيان أكبر من قدراتي على التحمل وعدم الشكوى.
عام مضى ومازال لدينا الكثير من الأمل والرغبة في المقاومة مهما كان التوصيف الطبي عكس أمنياتنا.