ما حكم الابتعاد عن الأقارب الذين يسيئون لنا وقطع علاقتنا بهم وهل ذلك قطع رحم؟.. الإفتاء تجيب
حكم الابتعاد عن الأقارب الذين يسيئون لنا.. يتساءل البعض عن حكم الابتعاد عن الأقارب الذين يسيئون لنا أو يسببون لنا الأذى وهل الابتعاد عنهم يعد قطعا للرحم.
حكم الابتعاد عن الأقارب الذين يسيئون لنا
الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، قال إن الله- سبحانه وتعالى- جعل الثواب على صلة الرحم عظيم جدًا؛ لذا أمرنا بها وحرم علينا تركها، مشيرا إلى أن الله جعل الثواب أعظم عند صلة الأقارب مع الضرر، مستشهدًا بما رواه أبو هريرة - رضى الله عنه- أن رجلًا قال: « يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلُم عنهم ويجهلون عليّ، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تُسِفُّهم المَل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك».
وأضاف أمين الفتوى بدار الإفتاء أنه لكي يأخد المسلم الثواب لابد أن يجاهد نفسه كما علمنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن مجاهدة النفس هواها، لافتًا: من لم يقدر على تحمل الأذى وفاقت طاقته؛ لا مانع له شرعًا من تجنب التعامل معهم وعدم الإندماج الزائد، بالاقتصار على محادثتهم هاتفيًا والتواصل معهم بين الحين والآخر، وتهنئتهم في الأعياد، لكن بغير نية القطيعة والخصام فهو حرام، وإنما بنية تجنب الأذى.
ومن جانبه قال أكد الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن صلة الرحم واجبة شرعًا ولا يجوز للمسلم قطعها تحت أي مبررٍ أيًا كان.
ونوه "ممدوح" فى إجابته عن سؤال ورد إليه يقول صاحبه: « هل يحاسب المرء على قطع صلة رحمه الذين يصرون على قطعها؛ فقد ذهبت إلى وصل أرحامي وطلبوا مني أن أقطعها؛ فهل ساحاسب على قطعها؟»، أنه من الواجب على المسلم وصل أرحامه ولو بالحد الأدنى، وعدم اللجوء إلى قطعها أبدًا.
وأكمل أن وصل الأرحام ليس بالضروري أن يكون بالتزاور وكثرة السؤال، ولكن يمكن للواصل فى هذه الحالة أن يكتفى بإرسال رسالة عبر الهاتف للتهنئة فى الأعياد والمناسبات.
حكم الابتعاد عن الأقارب بسبب المشاكل
ومن جانبه كشف مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية، أنه من المعلوم أن الله تعالى حث المؤمنين المستجيبين له سبحانه ولرسوله ﷺ أن يصلوا أرحامهم؛ فقال تعالى: {وَاتَّقُوُا اَللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ}. [النساء: 1]
وأضافت اللجنة، في بيان فتواها، أنه لا خلاف في أن صلة الرحم واجبة في الجملة، وقطعيتها معصية عظيمة؛ قال تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}. [الشورى: 22]
ومن هنا نعلم أن صلة الأرحام من الطاعات المهمة التي أمر بها رب العالمين عز وجل.
وتابعت: وربما يصل الإنسان رحمه فيقطعها من يصلهم، وربما يحسن إلى ذوي رحمه فيسيئون إليه، وقد حدث ذلك على عهد سيدنا رسول الله ﷺ، وجاءه رجل يشكو من مثل ما يشكي منه السائل الكريم، من إساءة وسوء معاملة، فعن أبي هريرة، أن رجلًا قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأُحسِن إليهم ويُسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: «لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المَلَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك». [أخرجه مسلم]
ونصحت لجنة الفتاوى الإلكترونية بالمركز، قائلة: عليك أيها السائل الكريم بالصبر على إيذائهم، وابتغاء المثوبة والجزاء الجزيل من رب العالمين على ذلك، وإن كنت على يقين أنهم لن يَكُفُّوا عن الإساءة لك ولأهلك، فلتكن صلتك بهم بأدنى درجات الصلة، في المناسبات والأعياد، وتهنئتهم في أفراحهم، وعيادة مريضهم، ومواساتهم في مصابهم، ولو عن طريق الهاتف، ولكن يحرم عليك القطيعة بشكل كامل.
ما معنى صلة الرحم
الأرحام تعني الأقارب ذوات الرحم الواحدة لكونهم خرجوا من رحم واحد رحم الأم، بوصف القرآن الكريم، ذكر القرآن:«وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ»، وكانت العرب في الجاهلية تقول: أسالك الله والرحم. قال الراغب الأصفهاني:
واستحب الإسلام في الفضل تقديم الأرحام على غيرهم لقوله تعالى «وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ».
صلة الرحم في القرآن الكريم
قوله تعالى: «وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ».
وقوله تعالى: «وَ الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ».
وقوله تعالى: «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ• أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ».
وقوله تعالى: «وَ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ».
صلة الرحم في السنة النبوية
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ:«من كان يؤمن بالله واليوم الآخـر فليـكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت»
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه»
عن علي رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: «من سره أن يمد له في عمره، ويوسع له في رزقه، ويدفع عنه ميتة السوء، فليتق الله وليصل رحمه.»
عن عائشة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ أنه قال: «الرحم متعلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله ».