كلمة السر!
ظني أن روح أكتوبر العظيمة التي لم يتخل عنها الجيش أبدًا هي سر كل نجاح لقواتنا المسلحة.. وكل إنجاز تحرزه في زمن قياسي وجودة عالية.. وهي سر بقاء وتماسك هذه الدولة والحفاظ على مقومات وجودها حتى اليوم.. والسؤال الآن لماذا لا نستنسخ أو نستلهم أو نبث هذه الروح في كل موقع وكل مشروع وكل مؤسسة من مؤسسات الدولة.. حتى لا نضيع طاقات وجهودًا هائلة بسوء الإدارة والإعداد والتدريب والمحاسبة؟!
وإذا سلمنا بأن ظروف أمتنا اليوم تشبه إن لم تزد سوءًا عن ظروف ما قبل أكتوبر 73 فإن السؤال: أليس ما يهدد وجودنا أكبر من أن نغض الطرف عنه.. ألسنا في مرمى نيران القوى الدولية التي تحارب فوق أرضنا معاركها هي وليس معاركنا نحن.. ولا يخفى على أحد ما تريد تحقيقه من مصالح ونفوذ وموطيء قدم لها في عالم تتشكل أقطابه وقواه المؤثرة في لحظات فارقة ترقبها الدنيا كلها بعين الاهتمام والترقب والتوجس.. أليس ما يحاك بنا ويراد لنا من تقسيم وتقزيم واستلاب صريح لمقوماتنا ومواردنا أسوأ مما كنا عليه قبيل نصر أكتوبر العظيم..
روح أكتوبر
أليس إقرار الكونجرس الأمريكي لقانون جاستا الذي يسمح في سابقة خطيرة بمقاضاة وملاحقة الدول والمقصود هنا دولنا العربية والإسلامية التي شارك أحد مواطنيها في هجمات 11 سبتمبر ضد أمريكا، كافيًا لقرع أجراس الخطر على مسامعنا نحن العرب حتى نفيق قبل أن نخرج نهائيًا من التاريخ لنصبح أثرًا بعد عين.. أليست الأخطار التي تهددنا هنا وهناك أدعى لاستعادة روح أكتوبر التي ألفت بين قلوب العرب جميعًا؛ فناصروا مصر وسوريا، وتسابقوا لإمدادها بالمقاتلين والعتاد والسلاح وبكل دعم لوجيستي وسياسي لا محدود..
ألا يكفي ما يحاك ضد أمتنا لاستنهاض روح العروبة والإرادة المنتصرة.. ماذا ننتظر بعد الذي رأينا بأعيننا من ضياع دول وتجهيز المسرح لاستدراج أخرى لفخ معارك مفتعلة للإجهاز على ما تبقى من جيوشنا ودولنا التي نجت من فخاخ الخريف العربي.
محنتنا الكبرى في العالم العربي هى نتاج ما غرسناه في سنوات ما بعد نصر مجيد أبهر العالم كله واستعدنا بمقتضاه الأرض، وهو نصر معجز بكل مقاييس العلم والعقل والعسكرية.. لكننا سرعان ما انشغلنا بجمع المغانم والمكاسب العارضة وتخلينا عن أسباب النصر وروحه التي جعلتنا في أحسن حالاتنا.
وظني أن العد التنازلي لذبول روح أكتوبر بدأ حين فرطنا في إرادتنا وسلمنا بأن مصائرنا في أيدي غيرنا واستسلمنا لغواية الارتخاء والاستسهال والرهان على الغير، ولم نعول على أنفسنا رغم أننا أمة ورثت مجدًا تاريخيًا عظيمًا وموارد طبيعية وبشرية هائلة.. لكننا فقدنا الثقة في قدرتنا وفرطنا في مقومات النجاح وركائز البقاء ولم نعد كما كنا أمة واحدة عدوها واحد، لا يتورع عن سحقها ولا يتوانى عن امتلاك أسباب القوة للتفوق على دولنا مجتمعة.. ولم ييأس رغم هزيمته في الإضرار بنا جهارًا نهارًا أو من وراء ستار.