رئيس التحرير
عصام كامل

ليه ياربي.. حكمة ربانية في المنع والمنح  (1)

ليه ياربي ما خلقتنيش غني، زي فلان.. ليه ما خلتنيش أقوى من فلان؟! ليه أصبتني بالمرض؟! ليه خليتني من العيلة الفلانية، مش العيلة الكبيرة المشهورة اللي عندهم وعندهم وبيملكوا كذا وكذا؟! ليه صاحبي فلان متجوز واحدة جميلة زي ممثلات السينما، وأنا ربنا رزقني بزوجة مش جميلة، وفقيرة زيي؟! ليه قريبي الفلاني مناسب عيلة كبيرة وغنية، وواصلين، وأنا معرفتش أناسب إلا عيلة فقيرة وغلابة زي حالاتي ؟!

 

ليه أولادي صغيرين وضعفاء، وفاشلين في دراستهم وحياتهم، ومش أذكياء زي أولاد فلان وفلان وفلان؟! ليه ربنا مارزقنيش بذرية، وأنا عندي الإمكانيات لتربيتهم وتنشئتهم كأحسن ما يكون، وهؤلاء الفقراء لديهم من الأبناء دستة، دون أن يكونوا قادرين على توفير ثمن وجبة واحدة، فضلا عن مصروفات الدراسة، وغيرها من متطلبات الحياة. ومن الأقوال اللعينة والمحبطة: “يدِّي الحلق للي بلا ودان”! ونقصد بها أن من لا يستحق ينال من النعم الكثير.

مشكلات وأزمات

 

تعالوا نعشْ لحظات من الصدق مع أنفسنا، وأمام ضمائرنا.. مَنْ مِنَّا لم تدر بخلده تلك الأسئلة وغيرها، في لحظات ضعف نمر بها، كثيرا أو قليلا؟! عدم الرضا بما منحه الله لنا من نعم ومزايا، كارثة دنيوية، ودينية.. تدفع الكثيرين لمحاولة التقاتل للحصول على ما يعتقد، خطأ، أنه حقه.

 

فنجد التكالب المروع على المناصب، والتآمر، ونصب الشراك، والنفاق، والرشاوى، بل وسفك الدماء أحيانا للوصول إلى الكراسي الزائلة. ونفاجأ برجل يبذل الغالي والنفيس لخداع زوجة، وإقناعها بالانفصال عن زوجها؛ لمجرد أنه يرى في نفسه أنه الأجدر بها. ويصيب الشقاق الكثير من الأسر والعائلات بسبب عدم رضا أحد الشريكين عن حياته مع الآخر، ونقمته على غيره، ممن يتصور أنهم سعداء في بيوتهم.

 

أحد أهم أسباب ما نعيشه من مشكلات وأزمات، بل وما يقع بيننا من جرائم، نستغرب وقائعها وتفاصيلها. علينا أن ننظر إلى ما بين أيدينا من إمكانيات، منحها الخالق لنا.. وأن نفتش في داخلنا، وننقب في أعماقنا، على مزايا كامنة لا ندرك حدودها. وهبنا الله، تعالى، كثيرا من المواهب، والمنح التي قد نعمل، دون أن ندري، على دفنها، وقتلها، ووأدها.

 

 

فعدم الانتباه إلى عظمة، وقيمة ما نملكه، وما يمكن أن يميزنا عن غيرنا، كفيل بنسف نجاحاتنا تماما. "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس؛ الصحة والفراغ".. هاتان نعمتان لا ينتبه لهما معظمنا.. الصحة أيام الشباب، لا نحسن استغلالها، ولا نتذكرها إلا في سني الشيخوخة، وكذلك وقت الفراغ الطويل، الذي نندم عليه وقت لا يجدي الندم.. ولات حين مندم.

الجريدة الرسمية