بوتين والجنس الثالث!
ربما اندهش البعض من خطاب الرئيس الروسى بوتين في حفل ضم أربعة أقاليم أوكرانية لروسيا أمس قد تضمن رفضا قاطعا للمثلية والشذوذ الجنسى وما يطلق عليه الجنس الثالث.. لكن من أمعن النظر في جوهر الخطاب سوف يكتشف أن الرئيس الروسي كان بخطابه هذا يدشن نظاما عالميا جديدا مختلفا تماما عن النظام الحالى أحادى القطبية، سياسيا واقتصاديا وثقافيا أيضا..
سياسيا لأنه ينهى هيمنة دولة وقوة واحدة على العالم ويقوم على تعدد الأقطاب.. واقتصاديا لآنه ينهى عصر احتكار التقدم الاقتصادى وحرمان معظم شعوب العالم من الحياة الكريمة التى تتوفر لهم فيها احتياجاتهم الأساسية.. وثقافيا لآنه لا يسمح بفرض قيم دولة أو شعب على بقية دول وشعوب العالم كله، ومن بينها قيم تسمح بالمثلية الجنسية ولا تعتبر الجنس الثالث أمرا شاذا!
هذا هو ما عناه الرئيس بوتين وهو يتحدث عن رفض بلاده للمثلية الجنسية. إنه كان يعلن بذلك رفض روسيا لفرض منظومة قيم غربية وأمريكية عليها، وفي ذات الوقت كان يحشد كل الرافضين لهذه القيم الغربية الأمريكية معه ومع بلاده ويجمعهم في خندق واحد لمجابهة منظومة القيم الغربية والأمريكية.. ولعلنا نتذكر أنه بعد إنتهاء الحرب الباردة باختفاء وتفكك الاتحاد السوفيتى لم تكتف أمريكا بانفرادها بالهيمنة وحدها على النظام الدولى بعد أن صارت القوة الأكبر عسكريا واقتصاديا، وإنما سعت من خلال العولمة لفرض ثقافتها وأسلوب حياتها على بقية شعوب العالم..
العولمة لم تستهدف فرض الهيمنة الاقتصادية والسياسية على العالم فقط وإنما كانت تستهدف أيضا فرض الهيمنة الثقافية عليه.. وها هو بوتين يأتى اليوم من خلال المجابهة العسكرية بين روسيا والغرب الدائرة الآن علي أراضى أوكرانيا ليرد على أصحاب العولمة أو بالأصح أصحاب الهيمنة على العالم معلنا اشتداد المخاض لولادة نظام دولي جديد.