كواليس علاقة هيكل ويوسف إدريس.. مكالمة هاتفية كانت البداية.. وحوار أنور السادات وراء فصل الأديب من الأهرام
«ما دمت تجد في نفسك الشجاعة لتكتب، فأنا لدي الشجاعة لأنشر»..هكذا قال الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل في أول مكالمة هاتفية بينه وبين الكاتب والأديب يوسف إدريس،علاقة بدأت بمكالمة ثناء وتقدير وانتهت بفصل إدريس من جريدة الأهرام.
البداية كانت في صيف عام 1969 عندما ذهب إدريس إلى مكتب هيكل في جريدة الأهرام، ولم يجده وأبلغته نوال المحلاوي، سكرتيرة مكتبه، إنه لم يصل بعد، ترك إدريس رقم تليفونه وقال لها: «عندما يأتي الأستاذ أبلغيه أن فلانًا أتى لزيارته وهذا رقم تليفونه في المنزل إذا رغب يتصل بي».
مكالمة هيكل
وعاد إدريس إلى المنزل وبعد ساعة تقريبًا دق جرس هاتف منزله، فكان المتحدث هو هيكل، فقال إدريس: «بدون مقدمات يا أستاذ هيكل أنا عاوز أشتغل في الأهرام»، فردَّ هيكل بسرعة وحسم: «خلاص اعتبر نفسك بتشتغل في الأهرام»، فردّ إدريس: «يعني ماسألتنيش عن الأسباب؟»، فقال هيكل: «مفيش أسباب... شوف أنت بتاخد كام من (الجمهورية) وسيعطيك (الأهرام) أكثر من هذا المرتب شوية»، فسأله إدريس: «ما شروطك في العمل؟»، فأجابه: «أنا ماعنديش أي شروط»، وقال هيكل جملته الشهيرة: «ما دمت تجد في نفسك الشجاعة لتكتب، فأنا لدي الشجاعة لأنشر».
حماية من الرقابة
يقول «إدريس» لجأت إلى الأستاذ عندما طرحت على نفسي سؤالا:«مَن رئيس التحرير الذي يستطيع أن يحميني من الرقابة؟.. ولم أتردد في الإجابة: هيكل!».
حوار أنور السادات
عشاء أخير وحوار في جريدة الجمهورية، كانت بداية لمرحلة ضبابية بين محمد حسنين هيكل ويوسف إدريس، وصلت حالة التوتر إلى الذروة، عندما أجرى يوسف إدريس حوارًا صحفيًا، مع أنور السادات نشر في جريدة الجمهورية، تركز محاوره حول فكرة الاتحاد القومي، وخلال المقابلة سأله الصحفي الشاب، هل يسمح بدخول الاتحاد، من مارسوا نشاطًا سياسيًا من قبل؟!، لأجل هذا السؤال قامت الدنيا، وغضب جمال عبد الناصر، الذي هاتف الأستاذ محمد حسنين هيكل حينها، وسأله هل قرأت حوار يوسف إدريس مع السادات؟ فأجابه نعم، رد ناصر: «دا مش رأي السادات دا رأي الشيوعيين في الاتحاد القومي».
اتصال عبد الناصر
قبل اتصال جمال عبد الناصر بهيكل، كان قد صدر قرارًا بتعيينه في جريدة الأهرام التي يترأس تحريرها الأستاذ هيكل، الذي أعجب بحواره مع السادات، ونشره في مقدمته، وعهد إليه مهمة إجراء حوارات صحفية مع شخصيات سياسية مرموقة، وكان قد شرع بالفعل في الترتيب لحواره الثاني، مع أكرم الحوراني، السياسي السوري، ولا سيما أن الوحدة بين البلدين كانت لا تزال قائمة.
العودة إلى الأهرام
بعدها بفترة عاد «إدريس» إلى الأهرام يقول:" في سنوات تعاملي مع الأستاذ في الفترة التي ترأس «الأهرام» حتى خروجه منها عام 1974، وجدت هيكل يرسي مبادئ مريحة جدًّا للتعامل مع الكاتب هو أولًا كان يحترم جدًّا ما تكتبه حتى لو اختلفت معه في الرأي، وأذكر مرة أنني كتبت مقالًا وفوجئت بتصرف هيكل معي؛ طلبتني السيدة نوال وأبلغتني بأن الأستاذ هيكل يريد أن أتحدث معه لأمرٍ ما، وعندما تحدثت معه قال لي: الكلمة دي مش قوي في المقال تحب نغيرها ولّا نشيلها؟!».
هيكل وحرية الكلمة
وأضاف إدريس:«كلمة واحدة لا أكثر يستأذنني فيها هيكل وأنا لسه كنت قادم من غابة (الجمهورية) التي كان رئيس التحرير فيها ببساطة (يفك) ما تكتبه ويعيد ترتيبه من جديد.. ليصل لمعنى مغايرًا لما كتبته وأردته، وببساطة قلت له: خلاص يا أستاذ هيكل غير الكلمة، فقال لي بدماثته المعهودة: لا أنا هبعتلك المقال وأنت تتصرف في الكلمة بمعرفتك يا دكتور».
ويذكر إدريس أن هيكل قال له مرة كنوع من المداعبة: «أنت أغلى كاتب في مصر والعالم العربي!»، فسأله: «ليه يا أستاذ هيكل؟»، فرد الأخير: «أنت تكتب قليلًا... ولمّا حسبتها وجدت أن المقالة الواحدة تقف عند «الأهرام» بكذا!