حاضر رغم الغياب.. ذكرى ميلاد الجورنالجي محمد حسنين هيكل
من أكثر الشخصيات التي أثارت الاهتمام والجدل على امتداد عقود في العالم العربي، كان ينظر له على أنه شريك في مطبخ السياسة في الشرق الأوسط، وهو الصحفى الأوحد لدى السلطة وفى نفس الوقت هو صديق الملوك والرؤساء ليس في مصر والشرق الأوسط وفي بعض دول العالم، هو الصحفى والكاتب والسياسى محمد حسنين هيكل الذى وُلد في مثل هذا اليوم عام 1923.
اقترب هيكل من جمال عبد الناصر ونظام الحكم فى مصر فى فترة خمسينات وستينات القرن العشرين مما جعله مطلع على وقائع واحداث كثيرة في هذه الفتره المهمة من تاريخ مصر.
تنقل محمد حسنين هيكل بين العديد من الصحف والمجلات، عُرف بلقب الأستاذ، استطاع أن يصنع من نفسه قلمًا عالميًّا فى بلاط صاحبة الجلالة، وأيضًا تأسيس مدرسة صحفية في الأهرام لمواجهة مدرسة روز اليوسف وأخبار اليوم بالرغم من أنه شخصيا هو ابن هاتين المدرستين.
موهبة بالفطرة
احترم الأستاذ الصحافة وعاش فيها وبها ورفض أن يتركها إلى ما سواها سواء وزير أو رئيس للوزارة حتى إنه عندما عُين وزيرًا للإعلام طلب أن يحتفظ بمنصبه في الأهرام حتى أصبح رمزًا سياسيًّا وكاتبًا صحفيًّا تخرجت على يديه أجيال من الصحفيين.
لقب الجورنالجى
عاشقا للقراءة موهوبا بالفطرة وقدرة على التعبير، يفضل لقب الجورنالجى، لم تعوقه دراسته المتوسطة بل اتجه للحصول على دبلوم فى القانون بالمراسلة مع إحدى الجامعات الأجنبية ودرس اللغة الفرنسية في القسم الحر بمدرسة الليسيه، كما درس الألمانية أيضًا حتى أصبح الصحفى الموسوعى وحالة استثنائية في تاريخ الصحافة الحديثة.
بداية المشوار
بدأ عمله الصحفي في فبراير عام 1942 فى جريدة "الإيجيبشيان جازيت" كمراسل صحفي لتغطية حوادث مديرية الأمن، وفى هذا يقول هيكل كنت أجد متعة فى التنقيب فى دفتر الأحوال ومعرفة الوجه الآخر لليل فى القاهرة، أربع سنوات قضيتها فى الإيجيبسيان.
دخل هيكل أخبار اليوم عام 1946 بعد عامين من إنشائها على يد مصطفى وعلى أمين فعمل محررا فيها وسكرتيرا لتحرير آخر ساعة في نفس الوقت.
استغل فرصة تفشى وباء الكوليرا في مصر واتجه مع المصور محمد يوسف إلى بؤر المرض بالشرقية التي كانت معزولة، وتوالت رسالاته إلى القراء وحقق نجاحا كبيرا، استحق بها الفوز بجائزة فاروق الأول للصحافة العربية، وهو لم يكمل عامه الخامس والعشرين.
المحرر البرلمانى
وفي عام 1944 التقى السيدة روز اليوسف التي استطاعت إقناعه بالانضمام إلى أسرة تحرير مجلة روز اليوسف ليلتقي الصحفي محمد التابعي وينتقل معه إلى مجلة آخر ساعة، ومن أشهر الحوادث التي قام بنشرها حادث احتراق الطائرة التي كانت تقل الممثلة اليهودية كاميليا ونشره بعنوان عريض (كاميليا نار احترقت فى النار)، كما أتاحت له آخر ساعة الاقتراب من الأجواء السياسية عن طريق شرفة البرلمان محررا برلمانيا.
وفى يونيو 1952 فوجئ قراء آخر ساعة بتعيين هيكل رئيسًا لتحرير آخر ساعة، وهو لم يتجاوز التاسعة والعشرين ثم بدأ مشواره مع الأهرام فى الأول من أغسطس 1957 رئيسًا للتحرير فكتب عموده الشهير بصراحة التي كان آخر مقالة فيها فبراير 1974 تحت عنوان (الظلال والبريق)، واختاره الرئيس عبد الناصر مستشارا صحفيا.
وكان محمد حسنين هيكل صاحب مقولة: (رئيس تحرير الأهرام لا ينتقل إلا لرئيس الدولة فقط، أما أى شخص آخر فيجب أن يحضر إلى رئيس تحرير الأهرام).
استأذن فى الرحيل
في عام 1970 اختار الرئيس عبد الناصر محمد حسنين هيكل وزيرًا للإعلام مع احتفاظه برئاسة الأهرام، وفى عام 1974 أقاله السادات من الأهرام وعينه مستشارًا لرئيس الجمهورية بقصر عابدين فاعتذر الأستاذ، وفى عام 2004 نشر مقالًا بعنوان (أستأذن في الرحيل) يعلن فيه التوقف عن الكتابة لبلوغه الثمانين.. إلى أن رحل عام 2016.