رئيس التحرير
عصام كامل

أصحاب الفرح بقلم إحسان عبد القدوس


يشكو قارئي، أن الزينات التي رفعت بمناسبة الاحتفال بعيد الثورة كان أجدى بها أن يصرف عائدها على أحد مشاريعنا الحيوية.

رد عليه الكاتب الصحفى إحسان عبد القدوس في مجلة روز اليوسف يوم 29يوليو 1959يقول:

"هذه هي عقلية تبويظ الزفة، عقلية الرجل الذي يجد كلوبًا مضاء فيحطمه لا لشيء إلا أنه مضاء. عقلية الرجل الذي يلمح زفة عروس فيتدخل فيها وينهال على رؤوس المعازيم بالنبوت لا لشيء إلا لأنهم ناس يبدو عليهم الفرح وهو يريد أن يثبت لهم أنه يستطيع أن يغتصب منهم فرحهم ويحوله إلى مآتم".

"إن الاحتفال بعيد الثورة هو فرح ويجب أن تكون له مظاهر الفرح وأن تقام الزينات وتضاء الأنوار تماما كما تفعل يوم زفافك أو يوم عيد ميلادك والناس في حاجة إلى هذه الظاهرة لإشاعة روح الفرح للتحقيق من ثقل الحياة عليهم، الناس في كل أنحاء العالم تقيم الزينات والاحتفالات وتطلق الصواريخ في أعيادها القومية".

"لو تماشينا مع عقلية إلغاء الزينات توفيرًا للجهد والمال لانتهينا إلى إلغاء أيام الإجازات التي تمنح في هذه المناسبات، لأن الإجازة ضياع ليوم نستطيع أن تنتج فيه ولألغينا استعراض الجيش لنوفر ثمن الوقود الذي تستهلكه الدبابات والسيارات ولألغينا الحدائق والنافورات لتوفير المياه ونبوظ الزفة ونخليها ضلمة".

"المهم هو أن تعبر هذه الزينات والاحتفالات عن فرح حقيقى يحس به الناس أن تعبر عن فرحنا بعام انتصرنا فيه والعريس لن يفرح مهما أقيمت حوله الزينات إذا لم يكن مؤمنًا بعروسه ويحبها، وكنا أيام الملك السابق نسرف في الاحتفالات ورغم ذلك لم يكن الشعب يفرح".

"المهم ألا نبالغ في هذه الزينات بحيث تتعدى الهدف منها، وأعتقد أننا لم نبالغ في احتفالاتها ولا تتحمل الاحتفالات عبئًا أكبر من طاقتها، وليست الشركات وحدها هي المستفيدة من قائمة الزينات والدعاية بل إن الاحتفالات تستفيد منها الدولة بأكملها في الدعاية لنهضتها سواء بالداخل أو الخارج والذي يطالب بإلغاء الاحتفالات يمثل عقلية التاجر الغبى الذي يوفر تكاليف الإعلان عن بضاعته".

"وما اعترض عليه في احتفالات هذا العام ١٩٥٩ هو قلة الذوق في بعضها وخاصة أقواس النصر المصنوعة من قماش الخيام لأنى أحس وأنا أمر تحتها أن في مآتم. صدقونى أن آخر ما يستحق التوفير هو الزينات والاحتفالات لأنها تسعد الفقير والبسيط وهؤلاء هم أصحاب الفرح".
الجريدة الرسمية