هل تدفع الانتكاسات الروسية موسكو للجوء إلى الخيار النووي؟
عاد شبح الحرب النووية ليطل برأسه من جديد، قاضا مضاجع العالم أجمع، حيث نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أمريكيين أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد يستخدم أسلحة نووية تكتيكية، ربما في تفجير استعراضي فوق البحر الأسود أو بالمحيط المتجمد الشمالي أو داخل الأراضي الأوكرانية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول استخباراتي كبير أن هناك نقاشا جاريا داخل وكالات الاستخبارات الأمريكية إذا ما كان بوتين يعتقد بأن مثل هذه الخطوة ستخاطر بعزل بلاده عن البلدان التي هي في أمس الحاجة إليها -خاصة الصين-، أو إذا ما كان يحتفظ بهذا الخيار على سبيل الاحتياط.
وبدورها سلطت مجلة ”ناشيونال إنترست“ الأمريكية الضوء علي تحليل جديد حول ما إذا كان العالم قادرًا على نزع فتيل خطر حرب نووية تلوح بالأفق في ضوء الانتكاسات الروسية الأخيرة في أوكرانيا، معتبرة أن التهديد النووي هو أخطر مخاوف الأمن القومي لأي دولة.
تهديد نووي
وقالت المجلة إنه ”مع اشتداد الحرب الروسية في أوكرانيا وتصاعد المنافسة بين القوى العظمى، فمن الضروري إعادة النظر في افتراضاتنا حول احتمال نشوب صراع نووي“، مشيرة إلى أن ”الطريقة الوحيدة للحماية بشكل فعال من سيناريو يوم القيامة هي تعزيز نظام الأسلحة النووية الدولي الحالي“.
وذكرت المجلة أنه ”في حين أن خطر قيام روسيا بشن هجمات نووية قد ازداد، فمن المؤكد أنها ليست مصدر القلق الوحيد على هذه الجبهة، وأنه في الآونة الأخيرة، وفي أعقاب التوترات المتصاعدة بشأن تايوان، زادت مخاطر نشوب حرب بين الولايات المتحدة والصين، ونظرًا لأن القدرات العسكرية التقليدية لبكين أضعف بكثير من قدرات واشنطن، فإن المنطق يفرض نفسه في هذه الحالة. لذلك، وفي محاولة لتجنب الهزيمة التي يمكن أن تترجم أيضًا إلى إضعاف النظام، قرر الصينيون التحول إلى قوة نووية“.
وأردفت: ”ليست القوى العظمى هي الوحيدة التي يمكن أن تلجأ لاستخدام الأسلحة النووية في مواقف معينة. في الشهر الماضي فقط، هدد الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونج أون، بأن بلاده مستعدة لنشر قواتها النووية إذا قررت كوريا الجنوبية المدعومة من الولايات المتحدة شن ضربات استباقية ضد بيونج يانج“.
واستطردت أنه ”نظرًا لحالة الجغرافيا السياسية لجنوب آسيا، فإن مخاطر التبادل النووي في المنطقة آخذة في الارتفاع. ونظرًا لتفاوتها التقليدي الطويل الأمد مع خصمها اللدود الهند، فقد احتفظت باكستان بسياسة الاستخدام النووي لأول مرة“.
واستدركت: ”لكن الآن، ومع دخول اقتصاد إسلام أباد تاريخيًا أضعف لحظاته وسط التحديات الأمنية المتزايدة، لا سيما من المتطرفين، وصعود النظام القومي الهندوسي اليميني المتطرف في الهند المجاورة، فإن مخاطر الصراع النووي في شبه القارة الهندية أكبر بكثير من ذي قبل“.
وعن المخاطر النووية في المنطقة، أفادت بأنه بغض النظر عما إذا كان هناك اتفاق نووي إيراني جديد أم لا، يمكن توقع استمرار طهران في السعي للحصول على أسلحة نووية، خاصة أن النظام يضعف داخليًا مع الحفاظ على سياسة خارجية عدوانية.
واوضحت أنه ”في الوقت الذي توجد فيه العديد من نقاط الاشتعال النووي، من الأهمية أن ننظر إلى الوراء إلى نجاحات نزع السلاح النووي السابقة. بالطبع لا يوجد سوى عدد قليل من هذه الحالات، التي تشمل كازاخستان وبيلاروسيا وأوكرانيا وجنوب إفريقيا، ومع ذلك، تقدم كل من هذه الحالات دروسًا مهمة يمكن أن تساعد في تعزيز الجهود نحو الأمن النووي الدولي. لا يوجد تهديد للأمن الدولي أكبر من احتمال اندلاع حرب نووية، لأنه في بيئة عالمية متعددة الأقطاب بشكل متزايد، خاصة وسط التدهور الخطير للنظام الدولي القائم على القواعد، فإن الخطر يتزايد فقط.
واختتمت ”ناشيونال إنترست“ تحليلها بالقول إن ”جائزة نوبل للسلام في حد ذاتها هي اعتراف بالجهود التي يبذلها الأفراد والمؤسسات لتعزيز السلام الدولي والأهم من ذلك بكثير هي المعايير التي تشكلها الجائزة في هذه الجهود، من الأهمية الآن أن تساعد لجنة جائزة نوبل في مواجهة التهديدات المتصاعدة للصراع النووي“.