إصلاح التعليم يبدأ من هنا !
التعليم والصحة في صدارة أولويات الدولة أي دولة، ويقيني أنهما سيتصدران أجندة الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس السيسي، لتتحاور قوى المجتمع وفئاته كافة ويسمع الناس بعضهم بعضًا ويدلي كلٌ بدلوه في الشأن العام وما يشغل بال المواطن ويصب في صالح الوطن ويلبي تطلعاته وطموحه ويستجيب لتحدياته. مثل هذا الحوار مفيد في كل حالاته؛ وما أحسب أن تخفيف منهج رابعة ابتدائي الذي تقوم عليه الآن لجنة متخصصة وكذلك تغيير شكل امتحانات الثانوية العامة بحيث تضم أسئلة مقالية إلى جانب البابل شيت لوقف الغش وقياس القدرات بدقة وموضوعية.. ما أحسب كل ذلك وغيره إلا نتاجًا واستجابة لحوار مجتمعي عميق.
وكان الله في عون المجتمع، وفي عون دفعتي الثانوية العامة في العامين الماضيين؛ ذلك أنهم عانوا صعوبة الامتحانات وسقوط السيستم، ونجاح البعض بل حصولهم على مجاميع مرتفعة بطرق غير مشروعة أهدرت مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة، وسوف يكون لذلك عواقب وخيمة في المستقبل فمن نجح بالغش لا يؤتمن على هذا الوطن وسوف يسيء بلاشك بمهنته التي سيعمل بها.. فماذا تتوقع مثلا من طبيب نجح بالغش هل يفلح في علاج مرضاه وقس على ذلك بقية التخصصات.
إصلاح التربية والتعليم
ورغم كل ذلك فثمة ما يمنحنا طاقة أمل جديدة في غدٍ؛ فبداية الوزير الجديد مبشرة، فالدكتور رضا حجازي جاء من قلب المهنة وصعد سلمها درجة درجة من مدرس للعلوم حتى تبوأ الوزارة؛ ما يعني أنه ملم بكافة تفاصيل ومشكلات العملية التعليمية؛ ولابد أنه يعرف أن الإصلاح لا يعني فحسب تطوير المناهج والمحتوى الدراسي ولا تحديث طرق التدريس وطرائق التعلم لتواكب تكنولوجيا العصر وعلومه وتنافس في سوق العمل بل هي فوق ذلك كله إصلاح للنفس وتربية للضمير والوجدان..
فالأخلاق أساس أي إصلاح حقيقي ومرتكزه.. فإنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. ولا خير في علم يخلو صاحبه من مكارم الخلق؛ فإذا ما اجتمع الضمير اليقظ مع العقل النابه والتفكير العلمي المبدع فذاك غاية المراد من التعليم والأخلاق.. وإلا فلا خير في تعليم ولا متعلم.. ولا أحسب أن ظاهرة الغش التي نعيب تفشيها في زماننا ليست إلا نتاجًا لغياب الضمير وانعدام الأخلاق الحسنة.
ومن أسف أن مجتمعنا بات أغلبه لا يرفض مثل هذه الظاهرة التي لا يقرها شرع ولا عرف بل ويساعد عليها ويحاول فرضها بطرق مختلفة وهو ما ينبغي التنبه لخطورته والعمل على علاجه بحلول ناجعة توقف هذا الوباء.