ذهب الوزير وبقى الحمام القديم!
أتذكر عندما تولى الدكتور طارق شوقي حقيبة وزارة التربية والتعليم قال بالحرف الواحد كلامًا بأن منظومة تعليمنا منتهية الصلاحية، وإنه مهما نحاول إصلاحها أو تطويرها أو بمعنى أدق ترقيعها بتطبيق نظام جديد للامتحان أو تعديل بعض المناهج فلن تجدي تلك المحاولات شيئًا، أو تحقق في أحسن الأحوال 20% مما نرجوه ومن ثم فلا مفر من نسف الحمام القديم، هكذا قالها الوزير السابق بشجاعة..
فلابد من تأسيس نظام تعليمي جديد أو بديل يبدأ بالحضانة ويمر بكل المراحل التعليمية وصولًا للدراسات العليا ليفرز في النهاية ما تحتاجه مصر من كوادر وأفكار ومنتجات علمية بأعلى مستويات الجودة والإبداع، فليس هناك خيار آخر -والكلام للدكتور طارق شوقي- إذا أردنا تقدمًا ونهضة حقيقية تسعى الحكومة لتحقيقها بكل ما وسعها الجهد، وتدعو مكونات المجتمع كافة للإسهام بدورها كلٍ بقدر ما يستطيع لإنجاز حلم طال انتظاره وتخفيف عبء يصعب احتماله.
ويبدو طبيعيًا في سياق كهذا أن تتداعى الأسئلة للذهن: هل كان الوزير السابق متفائلًا أكثر من اللازم أم كان لديه استراتيجية نظرية ولم يكن استعد لتطبيقها في الواقع؟! أليس مثل العمل الطموح يحتاج بنية متكاملة من تكنولوجيا متقدمة ومبانٍ مدرسية ومناهج متطورة ومعلم جرى تدريبه بصورة مناسبة ورأي عام تم تأهيله لقبول التغيير والاستعداد لدعمه ومساندته في وجه أي معوقات؟!
ما حدث في الواقع شيء مغاير تمامًا، فلا الدروس الخصوصية توقفت ولا الغش انتهى، ولا العقول تحررت من الحفظ والاستظهار، ولا تحقق الإبداع الذي بشرنا به الوزير، ولا ساعدت البنية التكنولوجية بالمدارس على إنجاح هذا التطوير، ولا توقف السيستم عن السقوط في أحرج اللحظات وأشدها وطأة على النفوس، ولا تخلى الطلاب عن المنهج التقليدي تحصيلًا وامتحانًا، ولا هم أتقنوا التعامل مع نظام الامتحان الجديد ولا مدرسوهم تكيفوا معه.. وجاءت النتائج صادمة للوزير؛ ذلك أن أوائل الثانوية اعترفوا صراحة بأنهم اعتمدوا على الدروس الخصوصية اعتمادًا كاملًا ولم ينتظموا في الحضور بمدارسهم. ذهب الوزير وبقي الحمام القديم فهل ينجح وزير التربية والتعليم في نسفه؟!