التغير المناخي والسياحة
مما لا شك فيه أن صناعة السياحة أصبحت اليوم من أهم الصناعات في العالم، وتلعب دورًا فاعلًا في اقتصاديات الدول المتقدمة والنامية على حد سواء. وتتباين قدرة الدول على الاستفادة والاستغلال الأمثل لما لديها من مقومات وإمكانات سياحية؛ ومن ثم يتباين حجم السياحة والإيرادات السياحية المُحققة من دولة إلى أخرى على مستوى العالم.
وقد لا يكون من المبالغ فيه القول بان السياحة يمكن ان تكون طوق النجاة لكثير من الاقتصادات النامية، بل يمكن القول بان مصر إذا ما أُحسِنَ استغلال ما لديها من مقومات سياحية طبيعية وبشرية بشكل جيد لاستطاعت أن تحقق إيرادات ضخمة يمكن من خلالها تحقيق العديد من أهداف التنمية ورفع مستوى الدخول ومستوى المعيشة لقطاعات كثيرة من الشعب المصري.
أثر تغير المناخ
وفى الواقع إذا نظرنا إلى قضية تغير المناخ والتي باتت مثار اهتمام المحافل الدولية؛ فان هذا التغير له آثارًا سلبية على قطاعات كثيرة ومن ضمن هذه القطاعات قطاع السياحة. وطبقا لبعض الدراسات عن تغير المناخ، تتعرض منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لأضرار جسيمة نتيجة لتأثيرات تغير المناخ، كما ان هذه المنطقة ستواجه تهديدًا مناخيًّا إذا لم تتخذ الإجراءات التى ترفع قدرتها على مواجهة تغير المناخ.
وتحذر هذه الدراسات من أن ثمن عدم التحرك سيكون فادحًا مع انخفاض في إمدادات المياه الجارية بحلول عام 2050، بالإضافة إلى زيادة تكرار نوبات الجفاف والارتفاع الشديد في درجات الحرارة. وعلى الدول التى يعتمد اقتصادها اعتمًادً كبيرًا على السياحة وما تواجهه من نقص حاد في المياه في فصل الصيف ان تقوم بإدارة مستدامة ورشيدة للموارد المائية بهدف ضمان استمرار إمدادات المياه في المقاصد السياحية.
وفي مواجهة هذا المشهد الذي يدعو للاهتمام، يجب أن تكون هناك منصة خبراء لقطاع السياحة وعلماء تغير المناخ من دول حوض البحر المتوسط لبحث كيفية جعل عملية صنع السياسات في هذا القطاع أكثر مراعاة لتغير المناخ. وفى الحقيقة هناك فجوة كبيرة بين الدراسات والأبحاث عن تغير المناخ واستخدامها في السياسات العامة وصنع القرار؛ إذ يجب زيادة وعي الأطراف المعنية من أجل إدماج تغير المناخ في سياسات التنمية الإقليمية وجعل هذا القطاع مصدرًا لتنمية فعالة ومصدرًا حقيقيًّا للدخل لكل من السكان والاقتصاد.
ويُعد قطاع السياحة في مصر ضمن أهم القطاعات الاقتصادية الأكثر حساسية بالتأثيرات المحتملة للتغير المناخي، إذ إن هذا القطاع يعتمد اعتمادا كبيرا على المقومات الطبيعية والخصائص البيئية بالمقاصد والمدن السياحية، والتي على رأسها مدينة شرم الشيخ، لذلك تستضيف مصر قمة تغير المناخ "COP 27"، للوصول إلى نتائج يمكن من خلالها مواجهة آثار تغير المناخ على دول العالم، ونأمل الخروج بنتائج فاعلة في قطاع السياحة على مستوى العالم بصورة عامة وعلى مصر بصورة خاصة.